في إرادة المأمور به ، ويكون الأمر الواقع على سبيل الامتحان مساويا لغيره في الظهور ، وليس كذلك عند جماعة ، إذ الأوامر الامتحانيّة من جملة المجازات عندهم ، ولا دلالة فيها على شيء ممّا ذكر بعد ظهور الحال ، ولا ينافي ذلك الدلالة عليه قبل قيام القرينة.
وممّا يستغرب من الكلام ما صدر عن بعض الأعلام من تقرير النزاع في خصوص ذلك في المقام ، نظرا إلى أنّ وقوع النزاع هنا في المقام الأوّل بعيد جدّا ، إذ هو من متفرّعات النزاع في مسألة التكليف بما لا يطاق ، وليس نزاعا على حدة ، وليس تجويز التكليف بما لا يطاق ملحوظا في وضع هذه المسألة ، فتعيّن أن يكون النزاع في المقام الثاني ، واستشهد له بكلام العلّامة في النهاية ، فإنّه بعد ما حكى عن المجوّزين جواز وقوع الأوامر الاختباريّة لما يتفرّع عليها من المصالح الكثيرة وجريان الطريقة عليه بحسب العادة قال : والأصل في ذلك أنّ الأمر قد يحسن لمصالح تنشأ من نفس الأمر ، لا من نفس المأمور به ، وقد يحسن لمصالح تنشأ من المأمور به ، فجوّزه من جوّزه لذلك ، والمانعون قالوا : الأمر لا يحسن إلّا لمصلحة تنشأ من المأمور به. انتهى. قال : ولا يخفى صراحته في ما ذكرنا.
أقول : أمّا جواز ورود الأوامر الامتحانيّة ونحوها ممّا لا يكون المقصود حقيقة حصول الفعل في الخارج فأمر ظاهر غنيّ عن البيان يشهد بحسنه ضرورة الوجدان حسب ما مرّ ، وذلك وإن لم يمنع من وقوع شبهة في جوازه لبعض الأجلّة إلّا أنّ البناء على منع كثير من العلماء منه ، بل ظهور اتّفاق أصحابنا عليه حسب ما ذكره المصنّف رحمهالله ممّا يستبعد جدّا ، بل لا يبعد دعوى القطع بخلافه سيّما مع عدم تصريحهم بذلك. وقد عرفت أنّ كون النزاع في المسألة في المقام الأوّل لا يدرجها في مسألة التكليف بما لا يطاق ، وما حكي عن عبارة النهاية لا دلالة فيه على المنع من الأوامر الاختباريّة ، إذ لا يمكن ابتناؤها على نفي كون الأوامر الاختباريّة أوامر حقيقيّة ، ويشير إليه أنّه دفع ذلك بأنّ الطلب هناك ليس للفعل لعلم الطالب بامتناعه للعزم على الفعل ، فإنّه يفيد أنّ ما ذكره من المبنى إنّما هو في الأوامر