وأنت خبير بأنّه لو لا ما علم من الفرق بين لام التعريف وتنوين التنكير بحسب المدلول كما ذكرناه لما كان القول بلزوم ضياع الأوّل أولى من القول بلزوم ضياع الثاني ، فذلك بمجرّده لا يجدي في المقام شيئا ، فمرجعه إلى ما ذكرنا من إفادة التعريف للاتّحاد مع الحقيقة الجنسيّة ، وإلّا لانتفت الفائدة في زيادته.
السادس : أنّه لو لم ينحصر العالم في زيد والصديق في عمرو في المثال المعروف وما أشبهه لكان المبتدأ أعمّ من خبره فكان إخبارا بالخاصّ عن العامّ ، وذلك كذب ، كما لو قال : الحيوان إنسان ، والإنسان زيد ، واللون أسود ، فإنّ ما ثبت للشيء بحسب مقتضى حمله عليه يثبت لجميع أفراده وجزئيّاته ، فلا يصحّ حمل المصداق الخاصّ على المفهوم العامّ. وقضيّة هذا الوجه أن يكون العالم مبتدأ وزيد خبرا له ، كما هو أحد الوجهين فيه ، وبه قال التفتازاني ، وعليه حمل كلام العضدي.
واورد عليه : بأنّ الكذب إنّما يلزم لو كان الألف واللام فيه للعموم ، كما لو قيل : كلّ حيوان إنسان ، وهو كذب ، وليس كذلك ، بل هي ظاهرة في البعض ، فكأنّه قال : بعض العالم زيد ، وبعض أصدقائي عمرو ، حتّى لو ثبت أنّ الألف واللام إذا دخلت على اسم الجنس تكون عامّة ، وكان المتكلّم مريدا للتعميم كان دالّا على الحصر لا محالة ، وكان كاذبا على تقدير ظهور عالم أو صديق آخر ، كذا في الأحكام.
واجيب : بأنّ المراد من العالم إذا لم يكن نفس حقيقة الجنس لكان مصداقه ، وهو ليس بفرد خاصّ ، لعدم العهد ، وعدم فائدة في العهد الذهني ، فيحمل على الاستغراق.
واعترض بالمنع من عدم الفائدة على تقدير إرادة العهد الذهني ، إذ مفاده حينئذ اتّحاد المحكوم به بفرد من أفراد المحكوم عليه.
وأنت خبير بأنّ الغرض من الاستدلال : أنّ المانع من حمل الخاصّ على العامّ في سائر المقامات حاصل في المقام ، فلو فرض غير زيد وهو عمرو ـ مثلا ـ عالما لكان العالم أعمّ من زيد وعمرو قد أخبرت عنه بأنّه زيد ، فيدلّ على الحصر ، إلّا أنّ