غاية الأمر عدم استعماله فيه بنفسه ، ودلالته عليه بالالتزام ، وهو فاسد ، والوجه المذكور لا يفي بإثباته ، إذ ليس تعيّنها في ضمن جميع الأفراد الموجودة في الخارج تعيّنا لتلك الماهيّة على الحقيقة لاحتمالها للأفراد الفرضية القابلة للوجود أيضا ، بل تعيّنها من حيث وقوعها في الخارج في ضمن تلك الأفراد بمجموعها ليس بأولى من تعيّنها في ضمن الفرد المعيّن. وكما أنّ الفرد لا يتعيّن من غير عهد ولا قرينة كذا المجموع لا يتعيّن إلّا بإقامة القرينة عليه ، وكلّ ذلك خارج عن مدلول الجنس المحلّى من حيث نفسه ، وإنّما يقتضي اللام تعريف مدخولها من حيث نفسه وهو الطبيعة الجنسيّة من حيث هي.
فالوجه أن يقال : إنّ التعريف باللام يقتضي الإشارة إلى نفس الحقيقة الجنسيّة ، فحمل الفرد عليها يدلّ على غاية المبالغة في إفادة الحصر فتكون دلالتها عليه أقوى من أداة الحصر ، فإنّك تدّعي اتّحاد تلك الحقيقة مع الفرد المخصوص فكأنّها هو بعينه كما تقول هل سمعت بالأسد وتعرّفت حقيقته؟ فزيد هو هو بعينه ، كما ذكره الشيخ عبد القاهر في الخبر المحلّى باللام ، ويظهر ذلك من كلام الزمخشري في قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). ومحصّله : أنّ تعريف المحمول باللام قرينة على أنّ المقصود به الحمل الذاتي ، أي حمل «هو هو» دون الحمل المتعارف ، إنّما يقع الحمل المتعارف في المحمول المنكر ، لأنّه الّذي تعارف فيه حمل الكلّي على الفرد دون المعرّف ، فيحمل فيه على حقيقة الحمل المقتضي للاتّحاد المستلزم للحصر ، لوضوح أنّ الشيء لا يتجاوز عن نفسه ، وحيث لا اتّحاد هناك على الحقيقة فيكون الحمل فيه من باب المبالغة في الحصر بادّعاء أنّ الموضوع ليس له حقيقة سوى حقيقة المحمول.
الخامس : أنّ الغرض من الحمل عند تعريف المحمول بالألف واللام لو كان مجرّد الاتّحاد في الوجود الخارجي لضاع تعريف المحمول ، لأنّ هذا المعنى ممّا يفيده المحمول المنكر أيضا ، فلا بدّ من إفادة التعريف أمرا زائدا على ذلك ، ولا تكون الزيادة إلّا بإفادة معنى الحصر ، أو ما يستلزمه من الاتّحاد في الحقيقة على ما ذكرناه.