لمفاد الشرط المصطلح ـ حسب ما مرّ بيانه ـ وكان الشرط في المقام هو مفهوم أحدهما فكان ما ينبغي أن يعلّق عليه الحكم المذكور هو ذلك دون كلّ واحد منها ، ولو فرض تعلّق الحكم بكلّ واحد منها كان خروجا عن ظاهر اللفظ حسب ما قرّرناه ، فيكون مرجع الجواب المذكور إلى ما مرّ من الجواب الّذي ذكرناه.
قوله : (لكن لا يلزم من عدم الحرمة).
لا يخفى أنّه إذا انحصر تحقّق الجزاء في صورة تحقّق الشرط لم يتصوّر حصوله مع انتفاء الشرط ، فيكون انتفاؤه بانتفاء الشرط أمرا حاصلا مع قطع النظر عن التعليق وعن دلالة المفهوم على الانتفاء بالانتفاء ، فلا يكون إفادة انتفائه بانتفاء الشرط مقصودا من التعليق المفروض ، وإنّما يراد به إفادة ثبوته عند ثبوت الشرط ، لكن لا يخرج بذلك عمّا هو الظاهر من التعليق والاشتراط ، إذ ليس الظاهر منه إلّا توقّف حصول الجزاء على حصول الشرط وهو حاصل في الصورة المفروضة ، إذ القدر اللازم في تحقّق معنى التوقّف له هو حصول الانتفاء بالانتفاء ، سواء استفيد ذلك من التعليق المفروض أو كان معلوما في نفسه ، فمن ذلك قولك : «إن جئت زيدا وجدته مشغولا» و «إن ركب زيد دابّة ركب حمارا» و «إن أراد زيد شيئا لم يكرهه أحد على تركه» وإن أمر زيد بشيء أو نهى عنه لم يجتر أحد على عصيانه إلى غير ذلك من الأمثلة.
ومن ذلك : التعليق الحاصل في الآية الشريفة ، إذ مفاد الأمر : أنّهنّ إن أردن العفاف حرم عليكم إكراههنّ على البغاء ، وقضيّة ذلك توقّف حرمة الإكراه على البغاء على إرادتهنّ العفاف ، وهو كذلك ، لتوقّف ثبوت موضوع الإكراه على إرادة العفاف ، فالتوقّف المستفاد من القضيّة الشرطيّة حاصل في المقام ، إلّا أنّه لا يراد من الآية إفادة الانتفاء بالانتفاء ، نظرا إلى وضوحه من الخارج ، فليس في الآية الشريفة خروج عن ظاهر ما يقتضيه القضيّة الشرطيّة أصلا ، فهذا تحقيق الحال على حسب ما رامه المصنّف رحمهالله من الجواب عن الاستدلال ، وفيه تأمّل سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله.