وقال تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) [سورة الأعراف آية رقم ٨].
وقال تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [سورة القارعة آية رقم ٦ إلى ٩].
فنقطع على أن الموازين توضع يوم القيامة لوزن أعمال العباد.
قال تعالى عن الكفار : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [سورة الكهف آية رقم ١٠٥].
وليس هذا على أن لا توزن أعمالهم ، بل توزن لكن أعمالهم شائلة وموازينهم خفاف ، قد نص الله تعالى على ذلك إذ يقول : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) إلى قوله : (فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) [سورة المؤمنون آية رقم ١٠٣].
فأخبر عزوجل أن هؤلاء المكذبين بآياته خفت موازينهم ، والمكذبون بآيات الله عزوجل كفار بلا شك ، ونقطع على أن تلك الموازين أشياء يبين الله عزوجل بها لعباده مقادير أعمالهم من خير أو شر ، من مقدار الذرة التي لا يحس وزنها في موازيننا أصلا ، فما زاد ، ولا ندري كيف تلك الموازين ، إلا أننا ندري أنها بخلاف موازين الدنيا ، وأن ميزان من تصدق بدينار أو بلؤلؤة أثقل من ميزان من تصدق بدابة وليس هكذا وزن الدنيا وندري أن إثم القاتل أعظم من إثم اللاطم ، وأن ميزان مصلي الفريضة أعظم من ميزان مصلي مثلها من التطوع ، بل بعض الفرائض أعظم أجرا من بعض ، فقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنّ من صلى الصّبح في جماعة كمن قام ليلة ، ومن صلّى العتمة في جماعة فكأنّما قام نصف ليلة» (١) وكلاهما فرض وهكذا جميع الأعمال ، فإنما يوزن عمل العبد خيره مع شره ، ولو نصح المعتزلة أنفسهم لعلموا أن هذا عين العدل ، وأما من قال بما لا يدري من أن ذلك الميزان ذو كفتين فإنما قاله قياسا على موازين الدنيا وقد أخطأ في قياسه ، إذ في موازين الدنيا ما لا كفة له كالقرسطون ، وأما نحن فإنما اتبعنا النصوص الواردة في ذلك فقط ، ولا نقول إلا بما جاء به قرآن ، أو سنة
__________________
(١) لفظ الحديث كما رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة (حديث ٢٦٠) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلّى الليل كله». ورواه أيضا الترمذي في الصلاة باب ٥١ ، وابن ماجة في المساجد باب ١٨ ، والدارمي في الصلاة باب ٢٨ ، وأحمد في المسند (١ / ٥٨ ، ٦٨).