ننهى عن السهو لأن الانتهاء عن السهو ليس في بنيتنا ولا في وسعنا ، وقد قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [سورة البقرة آية رقم ٢٨٦].
ونقول أيضا : إننا مأمورون إذا سهونا أن نفعل كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ سها.
وأيضا فإن الله تعالى لا يقر الأنبياء عليهمالسلام على السهو بل ينبّههم في الوقت ، ولو لم يفعل ذلك تعالى لكان لم يبين لنا مراده منا في الدين. وهذا تكذيب لله عزوجل إذ يقول تعالى (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [سورة النحل آية رقم ٨٩].
وإذ يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [سورة المائدة آية رقم ٣]
وقوله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) [سورة الأنعام آية رقم ١١٩].
قال أبو محمد : فسقط قول من نسب إلى الأنبياء عليهمالسلام شيئا من الذنوب بالعمد ، صغيرها وكبيرها ، إذ لم يبق لهم شبهة يموهون بها أصلا ، وإذ قد قامت البراهين على بطلانها ولحقوا بذي الخويصرة.
قال أبو محمد : ولو جاز من الأنبياء عليهمالسلام شيء من المعاصي فقد ندبنا إلى الائتساء بهم وبأفعالهم ، لكنا قد أبيحت لنا المعاصي وكنا لا ندري لعل جميع ديننا ضلال وكفر ، ولعل كل ما عمله عليهالسلام معاص ، ولقد قلت يوما لبعضهم ممن كان يجيز عليهم الصغائر بالعمد : أليس من الصغائر تقبيل المرأة الأجنبية وقرصها؟ فقال : نعم. فقلت له : تجوز أنه يظن بالنبي صلىاللهعليهوسلم أن يقبل امرأة غيره متعمدا؟ فقال : معاذ الله من هذا ورجع إلى الحق من حينه والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : قال الله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) [سورة الفتح آية رقم ١ ، ٢].
قال أبو محمد : ومن الباطل المحال أن تتم نعمة الله على عبد ويعصي الله بما كبر أو ما صغر ، إذ لو كان ذلك لما كانت نعمة الله تعالى عليه تامة ، بل ناقصة إذ خذله فيما عصى فيه.
وقال تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [سورة الفتح آية رقم ٨ ، ٩].
وقال الله تعالى : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [سورة التوبة آية رقم ٦٦].