فهؤلاء كلهم كفار بالنص وصح الإجماع على أن كل من جحد شيئا صح عنده بالإجماع أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى به فقد كفر وصح بالنص أن كل من استهزأ بالله تعالى أو بملك من الملائكة أو بنبي من الأنبياء عليهمالسلام ، أو بآية من القرآن ، أو بفريضة من فرائض الدين ، فهي كلها آيات الله تعالى بعد بلوغ الحجة إليه فهو كافر ، ومن قال بنبيّ بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، أو جحد شيئا صح عنده أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قاله فهو كافر لأنه لم يحكم النبي صلىاللهعليهوسلم فيما شجر بينه وبين خصمه.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وقد شقق أصحاب الكلام فقالوا : ما تقولون فيمن قال له النبي صلىاللهعليهوسلم قم صل فقال : لا أفعل ، أو قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : ناولني ذلك السيف أدفع به عن نفسي ، فقال : لا أفعل.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا أمر قد كفوا وقوعه ، ولا فضول أعظم من فضول من اشتغل بشيء قد أيقن أنه لا يكون أبدا ، ولكن الذي كان وقع فإننا نتكلم فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال أبو محمد رضي الله عنه : قد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل أهل الأرض وهم أهل الحديبية بأن يحلقوا ، وينحروا ، فتوقّفوا حتى أمرهم ثلاثا ، وغضب عليهالسلام ، وشكا ذلك إلى أم سلمة فما كفروا بذلك ولكن كانت معصية تداركهم الله بالتوبة منها ، وما قال مسلم قط إنهم كفروا بذلك لأنهم لم يعاندوه ، ولا كذبوه ، وقد قال سعد بن عبادة والله يا رسول الله لئن وجدت لكاعا يتفخذها رجل أدعهما حتى آتي بأربعة شهداء ..؟ قال : نعم قال : إذن والله يقضي إربه ، والله لأتجلّلهما بالسيف (١). فلم يكن بذلك كافرا ، إذ لم يكن معاندا ولا مكذبا ، بل أقر أنه يدري أن الله تعالى أمر بخلاف ذلك وسألوا أيضا عمن قال : أنا أدري أن الحج إلى مكة فرض ، ولكن لا أدري أهي بالحجاز ..؟ أم بخراسان ..؟ أم بالأندلس ..؟ وأنا أدري أن الخنزير حرام لا أدري أهو هذا الموصوف الأقرن أم الذي يحرث به ..؟
قال أبو محمد رضي الله عنه : وجوابنا هو أن من قال هذا ، فإن كان جاهلا علّم ، ولا شيء عليه ، فإن المشببين لا يعرفون هذا إذا أسلموا حتى يعلموا ، وإن كان عالما فهو عابث مستهزئ بآيات الله تعالى ، فهو كافر مرتد حلال الدم والمال ، ومن قذف عائشة رضي الله عنها فهو كافر لتكذيبه القرآن وقد قذفها مسطح وحمنة ولم
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (١ / ٢٣٨).