مسلم ، وبين قوله : أنا أسود ، أو أنا أبيض ، وهكذا سائر صفاته التي لا يشك فيها ، وليس هذا من باب الامتداح والعجب في شيء ، لأنه فرض عليه أن يحقن دمه بشهادة التوحيد ، قال تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [سورة البقرة : ١٣٦].
وقول ابن مسعود عندنا صحيح ، لأن الإسلام والإيمان اسمان منقولان عن موضوعهما في اللغة إلى جميع البر والطاعات ، فإنما منع ابن مسعود من القول بأنه مسلم مؤمن ، على معنى أنه مستوف لجميع الطاعات ، وهذا صحيح ، ومن ادعى لنفسه هذا فقد كذب بلا شك ، وما منع رضي الله عنه من أن يقول المرء : إني مؤمن بمعنى مصدق ، كيف وهو يقول : قل آمنت بالله ورسله : أي صدقت.
وأما من قال : فقل إنك في الجنة ، فالجواب أننا نقول : إن متنا على ما نحن عليه الآن فلا بد لنا من الجنة بلا شك ، وبرهان ذلك أنه قد صح من نصوص القرآن والسنن والإجماع أنّ من آمن بالله ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وبكل ما جاء به ، ولم يأت بما هو كفر ، فإنّه في الجنة ، إلا أننا لا ندري ما يفعل بنا في الدنيا ، ولا نأمن مكر الله تعالى ولا إضلاله ولا كيد الشيطان ، ولا ندري ما ذا نكسب غدا ، ونعوذ بالله من الخذلان.