فهذا حاصل هذه (١) الوجوه.
والجواب عما احتجوا به أولا من وجوه :
الأول : إنكم إما أن تدعوا وجوب حصول الفعل عند حصول الداعي ، وامتناع حصول الفعل عند عدم تلك الدواعي. وإما أن لا تدعوا ذلك. فإن ادعيتم الأول لزمكم الجبر ، لأن حصول تلك الدواعي ليست (٢) من العبد. وإلا لزم التسلسل ، بل تكون من الله تعالى.
وعلى هذا التقدير : إذا خلق الله في العبد تلك الدواعي ، وجب حصول ذلك الفعل ، شاء العبد أم أبى [وإذا لم يخلقها فيه امتنع حصول الفعل ، شاء العبد أم أبى (٣)] وإذا كان كذلك ، كان تكليف العبد تكليفا بما ليس في وسعه. وأيضا : فلأنه تعالى لما كان هو الفاعل لما يوجب حصول هذه الأفعال القبيحة ، كان أيضا فاعلا لهذه القبائح. لأنه لا فرق بين فعل القبيح ، وبين ما يوجب فعل القبيح ، أو فعل ما يجب عنده القبيح. فأما أن لا تقولوا بوجوب حصول الفعل عند حصول الإرادة ، وامتناع حصوله عند عدم الإرادة. فحينئذ لا يتم لكم هذا الاستدلال. لأنه إذا لم يجب حصول الفعل عند حصول الدواعي ، لم يلزم من عدم حصول الفعل عند توفر الدواعي ، ومن حصوله عند خلوص الصوارف : محال. وحينئذ يفسد هذا الدليل بالكلية.
الثاني : أن نقول : لا نسلم أن حصول هذه الأفعال عند توفر الدواعي واجب. وذلك لأنه ليس حصول الأفعال عند حصول الدواعي أظهر من حصول الشبع للحي السليم ، عند تناول الغذاء (٤) الجيد. وحصول الري عقيب الشرب. وحصول النبت عند إلقاء البذر في الأرض الحرة ، مع حصول سائر الشرائط من السقي والشمس. ثم إن الأكثرين من المعتزلة : سلموا أن
__________________
(١) هذا الجواب (م).
(٢) ليس (م).
(٣) من (ط).
(٤) العبد (م).