تقصير به مضرّ ، وكل إفراط له مفسد».
قال المصنف : هذا الفصل تصريح منه ـ عليه الرحمة ـ بأن أفعال الجوارح مترتبة على أفعال القلوب [وأن أفعال القلوب (١)] مترتب بعضها على بعض ، ترتبا ضروريا. لا مجال للعبد في قطع بعضها عن بعض. وذلك يحقق ما قلنا.
وجاء في كتاب «الزبور» لداود عليهالسلام. ما يقرب معناه من هذا وهو : إن الذي خلق أمزجة العباد ، علم أحوال قلوبهم [ومن علم أحوال قلوبهم (٢)] علم أفعالهم. ومن علم أفعالهم ، علم أحوال معادهم. وكل ذلك إشارة إلى ما ذكرناه ، من كون كل ما تأخر ، كالمعلول لما تقدم ، وإن تأدى ذلك المتقدم ، إلى ذلك المتأخر تأديا اضطراريا. ومتى كان الأمر كذلك ، كان من علم المتقدم ، فلا بد وأن يعلم المتأخر ، استدلالا بالعلة على المعلول.
وبالله التوفيق
البرهان الرابع
على أن العبد لا يمكنه أن يأتي إلا بما قدره الله تعالى.
وأن الذي ما قدره الله تعالى له ، فانه يمتنع صدوره عنه.
إن المعتزلة وافقونا على أنه تعالى : عالم بجميع الجزئيات التي ستقع وستوجد.
إذا عرفت هذا ، فنقول : تقريره من وجوه :
الأول : إنه تعالى لما علم [من الكافر (٣)] أنه لا يؤمن ، كان صدور
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) من (ط).
(٣) زيادة.