الفصل الثالث
في
التمسك بالآيات المشتملة
على لفظ «الجعل» وما يجري مجراه
اعلم : أن صيغة جعل ، قد تجيء متعدية إلى مفعول واحد ، ويكون معناها : الإحداث والتكوين. قال تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١) وقد تجيء متعدية إلى مفعولين ويكون معناها : جعل الذات موصوفة بصفة. قال تعالى : (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (٢) (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (٣).
إذا عرفت هذه المقدمة ، فلنذكر الدلائل :
الحجة الأولى : قوله تعالى : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (٤) وهذا تصريح بأن العبد لا يصير مسلما ، إلا بأن يجعله الله مسلما. وذلك يدل على أن الإسلام يحصل بخلق الله.
فإن قيل : كما أن الجعل يرد بمعنى التصيير ، فكذلك يرد لوجوه أخرى :
أولها : وصف الشيء بالشيء. قال تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (٥) وقال : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ : الْجِنَ) (٦).
__________________
(١) سورة الأنعام ، آية : ١.
(٢) سورة مريم ، آية : ٣٠.
(٣) سورة البقرة ، آية : ١٢٨.
(٤) سورة البقرة ، آية : ١٢٨.
(٥) سورة الزخرف ، آية : ١٩.
(٦) سورة الأنعام ، آية : ١٠٠.