الخيرات والشرور متمكنون فيهما (١) غير ممنوعين عنهما (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن) وثبت بالمتواتر المقطوع [به (٣)] أنهم كانوا يمدحون من آمن وأطاع ، ويذمون من كفر وعصى.
فلو قلنا : العبد غير مستقل بالفعل ، كان ذلك تصريحا بكونهم ممنوعين من الأفعال ، غير قادرين عليها. وذلك تصريح بتكذيب الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ في عين تلك الأشياء ، التي (٤) ادعوا كونهم رسل الله فيها. والتصريح بمثل هذا التكذيب ، ينافي الاعتراف بكونهم صادقين. فثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن القول بأن العبد غير موجد لأفعال نفسه ، ينافي الإقرار بالنبوة.
واعلم : أن المعتمد في الجواب عن هذا المقام ، أن نقول : هذا الذي ألزمتموه علينا ، لازم عليكم من وجوه :
الأول : إنكم لما اعترفتم بأن قدرة العبد صالحة للإيجاد. لم (٥) يمكنكم القطع بأن فاعل هذه المعجزات هو الله تعالى. ونحن قد حكينا في باب دلائلنا العقلية : دليل المعتزلة على أن غير الله تعالى ، لا يصح منه خلق الجسم والحياة. وبينا ضعفه وسقوطه.
وأما نحن [فلما (٦)] قلنا : إن قدرة العبد لا تصلح للإيجاد ، لم يتوجه هذا السؤال علينا البتة. فثبت : أن دلالة المعجز على صدق المدعي ، إنما تتم على مذهبنا ، لا على مذهبكم.
الثاني : إن المعتزلة. إما أن يحكموا بأن الفعل يتوقف على الداعي ، أو لا يحكموا بذلك. فإن كان الأول لزمهم الجبر. وذلك لأن عند عدم الداعي ،
__________________
(١) فيها (م).
(٢) سورة الكهف ، آية : ٢٩.
(٣) زيادة.
(٤) التي هم ادعوهم كونهم (م).
(٥) ولم (م).
(٦) من (م ، ل).