فنقول : بقي لنا في المسألة قولان :
أحدهما : قول من يقول : [تمام حقيقة الله تعالى هو هذا الوجود ، بشرط كونه غير عارض بشيء من الماهيات.
والثاني : قول من يقول] (١) إن وجود الله تعالى صفة عارضة لماهيته. فنقول : القول الأول باطل ، والذي يدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : أن نقول : الوجود من حيث إنه وجود إما أن يقتضي أن يكون قائما بنفسه ، مستقلا بذاته ، غنيا عن كل ما سواه. أو لا يقتضي ذلك. فإن كان الأول وجب أن يكون كل وجود كذلك ، فجميع الموجودات تكون قائمة بأنفسها ، مستقلة بحقائقها ، واجبة التفرد (٢) بما هي هي ، وهذا ظاهر البطلان ، وإلا لزام أن لا يكون شيء من الممكنات موجودا أصلا ، وإن كان الثاني فحينئذ الوجود من حيث إنه وجود [لا يكون] (٣) قائما بنفسه [ولا مستقلا بحقيقته ، فوجب أن لا يكون في الوجود موجود قائم بنفسه] (٤) مستقل بحقيقته [وذلك مناقض لقول من يقول : إن وجود الله تعالى قائم بنفسه ، مستقل بحقيقته] (٥) من حيث إنه هو. وهذا الكلام بلغ في الجلاء والوضوح إلى حيث تشهد فطرة العقلاء (٦) وغريزتهم بأنه لا يقبل السؤال والاعتراض البتة.
الحجة الثانية : وهي قريبة مما تقدم. أن نقول : الوجود من حيث إنه وجود إما أن يقتضي أن يكون عارضا [لماهية من] (٧) الماهيات ، أو يقتضي [أن يكون] (٨) غير عارض لشيء من الماهيات ، أو لا يقتضي ، لا العروض ولا التجرد. فإن كان الحق هو الأول ، فكل وجود فهو عارض لماهية من الماهيات ، ووجود واجب الوجود كذلك. وإن كان الحق هو الثاني ، فكل
__________________
(١) من (ز).
(٢) التقرير (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).
(٥) من (ز).
(٦) العقل (ز).
(٧) من (ز).
(٨) من (ز).