كون المرتعش متحركا بالاضطرار. وأيضا. : فمن رمى حجرا إلى وجه إنسان ، فإنه يعرف الفرق بين حركة الحجر وبين يد ذلك الرامي ، فإن العقلاء ببدائه عقولهم يعلمون : أنه لا يجوز مدح ذلك الحجر وذمه في تلك الحركة ، وأنه يحسن مدح ذلك الرامي وذمه في تلك الحركة ، ولو لم يكن العبد مختارا في فعله ، لما بقيت هذه التفرقة ، فثبت : أنه لو توقف رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر بلا (١) مرجح ، لزم أن لا يكون العبد مختارا في فعله ، وثبت أنه مختار في فعله ، فوجب أن لا يفتقر الممكن إلى المرجح.
الشهية العاشرة : إن الهارب من السبع إذا ظهر له طريقان متساويان من كل الوجوه ، فإنه يختار أحدهما لا لمرجح ، والعطشان إذا خير بين شرب قدحين متساويين ، والجائع إذا خير بين أكل رغيفين متساويين ، وكذا القول في أشباهها من الأمثلة. ولا يقال : إن ذلك الفاعل لما خصص أحد الجانبين بالترجيح فذلك الترجيح والتخصيص : مرجح ، لأنا نقول : إن ذلك القادر إن لم يصح منه ترجيح الجانب المرجوح على الجانب الراجح ، بدلا عن الترجيح ، فهو موجب لا مختار ، وإن صح منه كل واحد من القسمين بدلا عن الآخر ، فإن توقف ترجيح أحد الجانبين على الآخر على مرجح ، صار موجبا ، وخرج عن كونه مختارا ، وإن لم يتوقف على المرجح فقد حصل رجحان الممكن لا لمرجح.
الشبهة الحادية عشر : القول بافتقار الممكن إلى المؤثر يقدح في كونه ممكنا ، فوجب أن لا يتحقق الافتقار. بيان الشرطية : إن الممكن إن حصل معه وجود السبب ، كان واجب الوقوع ، وإن حصل معه عدم ذلك السبب كان ممتنع الوقوع ، وإذا كان لا واسطة بين حصول السبب وبين عدمه ، كان كل واحد منهما مانعا من الإمكان ، فوجب أن لا يحصل الإمكان أصلا ، فيثبت أن القول بافتقار الممكن إلى السبب ينافي كونه ممكنا ، ومعلوم أن ما أفضى ثبوته إلى نفيه ، كان ثبوته باطلا ، فوجب أن يكون القول بثبوت هذا الافتقار باطلا.
فإن قال قائل : لم لا يجوز أن يقال : إنه ممكن نظرا إلى ذاته وماهيته ،
__________________
(١) من (ز).