وبعد ، فالمانع من دخول الطلاق في نكاح المتعة أيضا مفهوم ، وهو أنه نكاح مؤجل إلى وقت بعينه. فلم يحتج الى طلاق ، لأن انقضاء المدة في ارتفاع هذا النكاح يجري مجرى الطلاق. فالطلاق انما دخل في النكاح المؤبد لأنه مستمر على الأوقات ، فيحتاج الى ما يقطع استمراره ويوجب الفرقة ، وليس كذلك المتعة.
فإن قالوا : لا نسلم أن التوارث حكم الأنكحة على الإطلاق ، بل هو نكاح منتفى الملة.
قلنا : ولا نسلم نحن أن إمكان الطلاق من حكم كل نكاح ، بل هو من أحكام النكاح المؤبد.
[العلل غير مطردة لكي يقاس عليها]
ثم يقال له : ما أنكرت أن يكون المتعة من الأنكحة الفاسدة : ان الطلاق لا يدخلها ولا ما يقوم مقامه في الفرقة ، وليس كذلك نكاح المتعة لأنه لا يدخله الطلاق ، فان فيه ما يقوم مقامه في وقوع الفرقة وهو انقضاء المدة.
وبعد ، فان موضع هذا القياس فاسد ، لأنه يقتضي فساد نوع من أنواع النكاح من حيث فيه شروط باقي أنواعه ، وقد علمنا أن البيع بيع موجود حاضر وبيع على جهة السلم، وليس نجد شروط السلم في بيع الموجود ولا شروط الموجود في السلم ، ولم يوجب ذلك فساد البيوع المختلفة. فكذلك الأنكحة المختلفة غير ممتنع اختلاف شروطها وان عم الجميع الصحة.
على أن هذه العلة لو كانت صحيحة لما اجتمعت (١) مع إباحة نكاح المتعة ، وقد علمنا بلا خلاف أن نكاح المتعة كان في صدر الإسلام مباحا ، وانما ادعى قوم
__________________
(١) في الأصل «لما اجتمع».