والكاذب من جهة الدليل.
قيل لهم : فكأنه يقدر أن يخرج نفسه من أن يكون قادرا على ما يصح وصفه بالقدرة عليه.
فان قالوا : نعم.
قيل لهم : فما يؤمنكم أن يفعل ذلك ، فان خرج من أن يكون قادرا ، لأن خروجه عن كونه قادرا لو كان أمرا مستحيلا لما صح أن يكون مقدورا لقادر ، كما أنه لو جعل محدثا والمحدث قديما لما كان مستحيلا ، لم يصح أن يتعلق بقدرة قادرا (١).
فان قالوا : لا نقول بأنه لو فعل لخرج من أن يكون قادرا على ما يصح وصفه بالقدرة عليه ، لكن لو فعله لاستحال وصفه بالقدرة على الفصل بين الصادق والكاذب من طريق الدليل.
قيل لهم : لا ضير ، فما تنكرون أن يفعله وان استحال ذلك بعد فعله ، فإن منزلة هذا يكون بمنزلة نفس الشيء أنه متى أوجده فصار موجودا باقيا استحال وصفه (٢) بالقدرة على إيجاده. وإذا كان هذا هكذا فما الذي يؤمنكم من وقوعه ، فلا يجدون سعيا فضلا عن جهة.
[نقل كلام للشيخ المفيد]
وقد ألزمهم الشيخ أبو عبد الله في أصل هذا الكلام ، فقال : ما الفصل بينكم وبين من قال : ولو جاز أن يضل الله عن الدين لكنا لا نأمن أن يكون جميع ما فعله
__________________
(١) أي في حال كونه قادرا.
(٢) في الأصل «وصف».