تلك الصفة. وهذا ما أردنا الزامكموه من أقبح الوجوه.
فان قيل : ألستم تجيزون وقوع ما علم الله تعالى أنه لا يكون وان كان مما لو كان لكان حسنا لم يمنع أن يعلموا أنه لا يقع ، وان وقوع مثله جائزا مما هو حسن ، فما أنكرتم أن يكون وقوع هذا الضرب من الإضلال غير جائز. وأن يصح أن يعلم أنه لا يقع وان جاز وقوع غيره من الإضلال ، وأن يكون المانع من هذين أن أحدهما مؤد إلى تجهيل الله والأخر إلى تعجيزه. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قيل لهم : انا لم نمتنع من اجازة كون ما علم الله أنه لا يكون ، إذا أردنا بالجواز معنى الشك من حيث ذكرتم ، لكن متى علمنا أن الله تعالى عالم بأن شيئا لا يكون فنحن عالمون بأنه لا يكون ، لأنه لا يجوز أن نعلم أن عالما من العالمين قد علم كون شيء أو أنه مما لا يكون ونحن شاكون أو جاهلون بكونه أو أنه مما لا يكون ، لأن العالم بأن العالم عالم لا بد من أن يكون عالما بأن معلومة على ما علمه عليه. ولهذا نظائر من مدلول الدليل ومخبر الحال [..](١).
ونحو ذلك مما سألتم عنه انما أمنا من وقوعه علمنا بأنه لا يقع ، وسؤالكم مبني على ذلك والا بطل واضمحل.
وما ألزمنا يكون فإنما ادعيتم أنه مؤد لكم الى القول بما لا تلزمونه من تعجيز الله تعالى، فأريناكم أنه ان كانت أقوالكم (٢) صحيحة فإنه لا يؤدي الى ذلك بل يؤدي الى حال القدرة على ما لا يصح أن يكون مقدورا ، وذكرنا له نظائر من خاص قولكم ومما نتفق فيه معكم مما يستحيل وصف القديم تعالى بالقدرة عليه ، ولم يوجب ذلك تعجيزا له ولا إخراجه عن صفات ذاتية. وإذا كان هكذا فليس بين
__________________
(١) بياض في النسخة.
(٢) في الأصل «أموالكم».