بين الجوى.
قلنا : إذا كان سبب جوى القلب الذي هو الحزن به والغم على حلوله جاز أن يسمى باسمه ، فقد سموا السبب باسم مسببه والمسبب باسم سببه ، وتخطوا ذلك إلى ما هو أبعد منه كثيرا ، والاستعارات واسعة فسيحة.
وفي قولي " الفجر المغلس " معنى لطيف ، لأنني أشرت إلى أن الشيب عجل عن وقته المعهود له ، فلهذا شبهته بالفجر الطالع في الغلس قبل أوان طلوعه المألوف.
* * *
ولي من قصيدة أولها " لمن ضرم أعلى البقاع تعلقا " :
وعيرنني شيبا سيكسين مثله |
|
ومن ضل عن أيدي الردى شاب مفرقا |
وهل تارك للمرء يوما شبابه |
|
صباح وإمساء ومنأى وملتقى |
* * *
ولي من قصيدة أولها " ما قربوا إلا لبين نوقا " :
ذهب الشباب وكم مضى من فائت |
|
لا يستطيع له الغداة لحوقا |
ما كان إلا العيش قضى فانقضى |
|
بالرغم أو ماء الحياة أريقا |
فلو إنني خيرت يوما خلة |
|
ما كنت إلا للشباب صديقا |
ولقد ذكرت على تقادم عهده |
|
عيشا لنا بالأنعمين أنيقا |
أزمان كان بها ردائي ساحبا |
|
أشرا وغصني بالشباب وريقا |
وإذا تراءى في عيون ظبائهم |
|
كنت الفتى المرموق والموموقا |
* * *