قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

غاية المرام وحجّة الخصام [ ج ٦ ]

93/358
*

لتعلم ، قال : أظنّه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة ، قلت : هو ذلك إنّه يزعم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد الأمر له فقال : يا ابن عبّاس وأراد رسول الله الأمر له فكان ما ذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أمرا وأراد الله غيره فنفذ أمر الله ولم ينفذ مراد رسوله أو كلّما أراده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أراده الله إنه كان أراد إسلام عمّه ولم يرده الله فلم يسلم.

وقد روى معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ وهو قوله : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يذكر له الأمر في مرضه فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الإسلام فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما في نفسي فأمسك وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (١).

قال مؤلّف هذا الكتاب : الذي رواه ابن أبي الحديد ورواه عن غيره يدلّ على كفر عمر بن الخطّاب حيث جعل مراد الله عزوجل غير مراد رسوله ومراد رسوله غير مراد الله تعالى لأنّ كلّ ما أراده الله أراده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر الله تعالى وأمر رسوله واحد وطاعتهم واحدة ، قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٢) وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) (٣).

وقال سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤) وقال جلّ وعلا : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٥) فكيف عمر بن الخطّاب يفرّق بين الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكفر عمر بذلك. قال الله جلّ جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (٦).

الثالث : ابن أبي الحديد في الشرح بعد أن ذكر أحاديث فيها النصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام بالإمامة والخلافة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ابن أبي الحديد : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد ابن أبي زيد وقد قرأت عليه هذه الأخبار فقلت له : ما أراها إلّا تكاد تكون دالّة على النصّ ولكنّي أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نصّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على شخص بعينه ، كما استبعدنا من الصحابة على ردّ نصّه على الكعبة وشهر رمضان وغيرهما من معالم الدين ، فقال رحمه‌الله : أبيت إلّا ميلا إلى المعتزلة (٧).

ثمّ نقل ابن أبي الحديد عن أبي جعفر هذا أحاديث ممّا ردّه عمر بن الخطّاب على رسول

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٧٨.

(٢) النساء : ٨٠.

(٣) الفتح : ١٠.

(٤) النجم : ٣.

(٥) الحشر : ٧.

(٦) النساء : ١٥٠ ـ ١٥١.

(٧) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٨٢.