من نفسه؟ فالله الله يا أولادي ، نعوذ بالله من علم يصير حجة علينا (١).
وقيل : إنّ أبا نصر عبد الرّحيم بن القشيريّ جلس بجنب الشّيخ أبي إسحاق ، فأحسّ بثقل في كمه ، فقال : ما هذا يا سيدنا؟
قال : قرصي الملّاح. وكان يحملهما في كمّه طرحا للتكلّف (٢).
قال السّمعانيّ : رأيت بخط أبي إسحاق رحمهالله في رقعة : «بسم الله الرحمن الرحيم ، نسخة ما رآه الشيخ السّيد أبو محمد عبد الله بن الحسن بن نصر المزيديّ ، أبقاه الله. رأيت في سنة ثمان وستين وأربعمائة ليلة جمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآبادي ـ طول الله عمر ـ في منامي يطير مع أصحابه ، وأنا معهم استعظاما لتلك الحال والرؤية. فكنت في هذه الفكرة ، إذ تلقى الشيخ ملك ، وسلم عليه ، عن الرّبّ تبارك وتعالى ، وقال له : إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول : ما الّذي تدرس لأصحابك؟
فقال : له الشّيخ : أدرّس ما نقل عن صاحب الشرع.
فقال له الملك : واقرأ عليّ شيئا لأسمعه.
فقرأ عليه الشيخ مسألة لا أذكرها ، فاستمع إليه الملك وانصرف ، وأخذ الشّيخ يطير ، وأصحابه معه. فرجع ذلك الملك بعد ساعة ، وقال للشيخ : إنّ الله يقول : الحق ما أنت عليه وأصحابك ، فادخل الجنة معهم (٣).
وقال الشّيخ أبو إسحاق : كنت أعيد كلّ قياس ألف مرّة ، فإذا فرغت ، أخذت قياسا آخر على هذا ، وكنت أعيد كل درس مائة مرة ، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت (٤).
كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرا ما يقول : الإمام أبو إسحاق وحيد
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٤.
(٢) المنتظم ٩ / ٧ (١٦ / ٢٣٠) ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ وفيه : «يحملهما في كمّه للتكلف» ، بإسقاط كلمة «طرحا».
(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، طبقات السبكي ٣ / ٩٤.
(٤) صفة الصفوة ٤ / ٦٦ ، المجموع ١ / ٢٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٨ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٠ ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥.