ومرّاكش ، فبادر وعدي بجيوشه ، واجتمع بالمعتمد بن عبّاد بإشبيليّة ، وتهيأ عسكرها وعسكر قرطبة ، وأقبلت المطّوعة من النّواحي (١).
وسار جيش الإسلام حتّى أتوا الزّلّاقة. ومن عمل بطليوس ، وأقبلت الفرنج ، وتراءى الجمعان. فوقع الأدفونش على ابن عبّاد قبل أن يتواصل جيش ابن تاشفين ، فثبت ابن عبّاد وأبلى بلاء حسنا ، وأشرف المسلمون على الهزيمة ، فجاء ابن تاشفين عرضا ، فوقع على خيام الفرنج ، فنهبها وقتل من بها ، فلم تتمالك النّصارى لمّا رأت ذلك أن انهزمت ، فركب ابن عبّاد أقفيتهم ، ولقيهم ابن تاشفين من بين أيديهم ، ووضع فيهم السّيف ، فلم ينج منهم إلا القليل.
ونجا الأدفونش في طائفة. وجمع المسلمون من رءوس الفرنج كوما كبيرا ، وأذنوا عليه ، ثمّ أحرقوها لما جيفت (٢).
وكانت الوقعة يوم الجمعة في أوائل رمضان (٣) وأصاب المعتمد بن عبّاد جراحات سليمة في وجهه. وكان العدو خمسين ألفا ، فيقال : لم يصل منهم إلى بلادهم ثلاثمائة نفس. وهذه ملحمة لم يعهد مثلها. وحاز المسلمون غنيمة عظيمة (٤)
استيلاء ابن تاشفين على غرناطة
وطابت الأندلس للملثّمين فعمل ابن تاشفين على أخذها ، فشرع أولا ، وقد سار في خدمة ملك غرناطة ، فقبض عليه وأخذ بلده ، واستولى على قصره بما حوى ، فيقال إنّ في جملة ما أخذ أربعمائة حيّة جوهر ، فقوّمت كل واحدة بمائة دينار (٥)
__________________
(١) وفيات الأعيان ٥ / ٢٨ ، ٢٩.
(٢) تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) ٣٥٣ (سويم) ٢٠ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٥٤ ، ذيل تاريخ دمشق ١١٨ (حوادث سنة ٤٧٨ ه.) ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٨ ، العبر ٣ / ٢٩٣ ، دول الإسلام ٢ / ٩ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٦٢.
(٣) ويقول ابن خلّكان : «والصحيح أن هذه الوقعة كانت في منتصف رجب من السنة المذكورة». (وفيات الأعيان ٥ / ٢٩) ، ومثله في : الحلة السيراء ٢ / ٥٥ و ١٠١.
(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٥١ ـ ١٥٤.
(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٥٤ ، ١٥٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٨ ، تاريخ ابن الوردي=