مبتدإ وخبر أو فِعل وفاعِل وكانت غيرَ خبَرِيَّة كقوله تعالى (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ) فلو استعملوا الواوَ موضِع الفاءِ على ما فيها من الدِّلالة على الاجتِماع لَأدَّى ذلك الى خِلاف ما وُضِع له الشرطُ كما أنهم لو وضَعُوا الفاء موضِعَ الواو في العطف على الاسم المضاف بَيْنَ اليه اذا كان مُفْرَدا لا يدل على أكثرَ من واحد أو في العطف في باب الافعال التى لا تكونُ الا من اثنين فصاعدًا لَبَقِيت بَيْن مُضافةً الى مفرد لا يدُلُّ على أكثرَ من واحد وكانت هذه الافعال مستَنِدةً الى فاعلٍ واحدٍ وكِلاهما ممتنعٌ فثبتت أن المعنى الذى تُخَصُّ به الفاء الاتباعُ والعطفُ داخلٌ عليه كما أن المعنَى الذى تُخَصُّ به الواوُ الاجتماعُ والعطف داخلٌ عليه* قال سيبويه* والفاء وهى تضُمُّ الشىءَ الى الشئ كما فعلَتِ الواوُ غيْرَ أنها تجعل ذلك متَّسِقا بعضُه في إثْر بعض وذلك قولك مررتُ بِزَيدٍ فَعَمْرٍ وفخالِدٍ وسقط المَطَرُ بِمكانِ كذا فَمَكانِ كذا وإنما يَقْرُوا أحدَهما بعدَ الآخَر
شرح الكاف
وكافُ التَّشْبِيه التى تأتِى لِايصالِ الشَّبَه الى المشَبَّه به وذلك قولُك أنتَ كزَيد والتَّشْبيه يأتى على ضربَيْن تشبيهٌ حقيقةً وتشبيهٌ بلاغةً فتشبيهُ الحقيقةِ قولُك هذا الدِّرْهَم كهذا الدِّرهم لا يُغَادِرُ منه شيأ وهذا الماء كهذا الماءِ وأما تشبيهُ البلاغةِ وهو التشبيهُ غير الحقِيقىِّ فنحو قوله عزوجل (أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) وقد استُعْمِلت هذه الكافُ اسمًا وساغَ لهم ذلك لنَضَمُّنها معنَى مِثْل كما ساغَ لهم ذلك في سَواء لتضمُّنها معنى غَيْر وذلك في نحو ما أنشده سيبويه من قوله
* وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ*
وكقول الأخطل
* عَلَى كالقَطَا الجُونِىِّ أَفْزَعَهُ الزَّجْرُ*
وقد تكون الكاف زائِدةً في موضِعٍ لو سَقَطَتْ فيه لم يُخِلَّ سقُوطُها بمعنى وذلك نحو قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ألا تَرَى أنّ من جعلَ الكافَ هنا دالَّة على مثل ما دَلَّت عليه في قولك أنت كذلك فقد أثبتَ الشَّبَهَ لِمَن لا شَبَهَ له كما أنك اذا قُلت