وأَبْدَأُ أوَّلا بشرح معنَى المصْدَر الذى هو اللَّفْظ الجامِعُ لجمِيع الأشخاصِ المقْصودِ الى تعيينِها وحصْرِ أبْنِيتِها وتحديدها ان شاء الله تعالى فنقول
ان المَصْدَر اسمُ الحدَثِ الذى تَصَرَّفُ منه الافعالُ نحو الضَّرْب تَصَرَّف منه ضَرَب يَضْرِبُ وسيَضْرِب والمَصدَر للفِعْل كالمادّة المشْتَرَكة ولذلك سمَّته الأوائِلُ مِثالا وسَمَّوْا ما اشتُقَّ منها تَصارِيفَ ونَظَائر فأما النَّظائِرُ عِنْدهم فما جَرَى على وجْه النسَب وهذا غيرُ مستعمَل في لُغة العرَب انما يقولُونه بوَسِيط كقولهم فَعَل كذا على جِهَة العَدْل وعلى جهة الجَوْرِ وعلى جِهَة السَّهْو وعلى جِهة الخيْر وعلى جِهة الشَّرِّ ولا يقولون على العَدْلِيَّة ولا على الجَوْرِيَّة ولا على جِهة الخيْر ولا على الشرِّية وأما التصاريف فهى التى نسمِّيها نحن الأمثلةَ كقولنا فَعَل يَفْعَل ويَفْعُل ويَفْعِل ونحن آخِذُون في ذكر مَصَادرِ الثُّلَاثِىِّ غيرِ المَزِيد ومقدِّمُون لمصْدَر فَعَل لكونه الأخف فنقول أوَّلا ان الغالبَ على مَصادِر هذه الأقسامِ الثلاثةِ التى هى فَعَل يَفْعِلُ وفَعِلَ يَفْعَل وفَعُل يَفْعُل أن يجىء على فَعْل وقد صَرَّفوها على غير ذلك فنحتاجُ الى ضَبْطها لحمْل النظَرِ عليها على طريقةِ النادِر فأما فَعْل فالقياس عليه لاطِّراده ونحن نذكُر جميعَ الأبْنِيَة التى جاءتْ لمَصادِر الثُّلاثِىِّ الذى ليس فيه زيادةٌ للحاجةِ اليه على ما بَيَّنا
فصل في فعَلَ يَفْعِل من المتعدِّى
فَعَله يَفْعِله فَعْلا ضَرَبه يَضْرِبه ضَرْبا وشَتَمه يَشْتِمه شَتْما وكَلَمه يَكْلِمه كَلْما وكَطَمَه يَكْظِمه كَظْما وكَسَره يَكْسِرُه كَسْرا وحَطَمَه يَحْطِمه حَطْما وهذا البِناءُ هو الغالبُ والغالبُ كالقِياس الذى هو اللازِمُ وان لم يكن مستَحِقًّا لاسم اللُّزُوم ولا لاسْمِ القياس ولكنه قرِيبٌ منه فلا حاجةَ بِنا الى استِقْصائه وانما يُتَقَصَّى ما سِواه لخُروجه من بابِ الغالبِ وحُصولهِ في حَيِّز النادِر وفَعَله يفْعِله فعْلا قالَهُ يقيِلُه قيْلا فَعَله يَفْعِلُه فَعَلاً سَرَقَه يَسْرِقُه سَرَقا فَعَلَه يَفْعِلُه فَعَلةً غَلَبه يَغْلِبُه غَلَبةً* وحكى أبو زيد* غُلُبَّة وغُلُبَّى فَعَله يَفْعِلُه فَعِلَةً سَرَقَه يَسْرِقُه سَرِقَةً فَعَله يَفْعِلُه فِعْلةً حَمَاه يَحْمِيه حِمْيةً فَعَله يَفْعِله فِعَالا ضَرَبها يَضْرِبُها ضِرَابا ونَكَحها يَنْكِحُها نِكاحا وكَذَبه