قوله : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أنصار بعض ، وبين قوله : إنّما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا ، منافاة.
سلّمناه لكن لم قلتم : إنّ الولاية التي في هذه الآية خاصة؟
قوله : لأنّ صيغة «إنّما» تفيد حصر الولاية في المؤمنين الموصوفين بالصفات المذكورة وكلّ المؤمنين ليسوا كذلك.
قلنا : لا نسلّم أنّ كلمة «إنّما» تفيد الحصر ، بيانه من وجوه :
الأوّل : أنّه يحسن دخول التوكيد والاستفهام عليها ، تقول : إنّما جاءني زيد وحده ، وإذا قال إنسان : إنّما أكلت رغيفا ، حسن أن يقول : كم أكلت ، رغيفا واحدا أو أكثر؟ وعندكم أنّ حسن التوكيد والاستفهام دليل الاشتراك ، وليس لكم أن تمنعوا من حسن ما ذكرنا لأنّكم تستحسنون دخول الاستفهام والتوكيد على صيغ العموم مع أنّ اقتضاءها له أظهر من اقتضاء «إنّما» للحصر.
الثاني : أنّ قوله : إنّ زيدا في الدار لا يدلّ على أنّ غيره ليس فيها ، وكلمة ما دخلت للتوكيد فاقتضى أنّ قول القائل إنّما زيد في الدار تأكيد لكونه فيها ، ولا يدلّ ذلك على أنّ غيره ليس فيها.
الثالث : أنّهم يقولون في العرف : إنّما الناس أهل العلم ، وإنّما الرجل هو الشجاع ، ولا يريدون نفي الإنسانية والرجولية عن غير العالم وغير الشجاع ، بل المراد أنّ الإنسانية والرجولية في العالم والشجاع أظهر آثارا.
ثمّ إن سلّمنا أنّ صيغة «إنّما» تفيد الحصر في المؤمنين الموصوفين بالصفات المذكورة فلم قلتم أنّ المؤمنين ليس كلّهم موصوفين بهذه الصفات؟
أمّا الزكاة حال كونه راكعا ، فإنّا : لا نسلّم أنّ قوله : (وَهُمْ راكِعُونَ) متعيّن للحال ، بل هو استيناف لوجوه :
الأوّل : أنّ القائل إذا قال : فلان أدّى الزكاة وهو راكع ، حسن أن يستفهم