البحث الثاني
في ضبط مذاهب الناس في هذه المسألة وتقرير الصحيح منها
الإمامة إمّا أن تكون واجبة مطلقا أو ليست واجبة مطلقا أو أن تكون واجبة في حال دون حال ؛ وإلى كلّ واحد من هذه الأقوال ذهب قوم : فالأوّل هو مذهب جمهور المتكلّمين ، والثاني هو مذهب النجدات من الخوارج (١) ، والثالث مذهب أبي بكر الأصمّ (٢) والفوطي (٣).
أمّا القائلون بوجوبها مطلقا : فمنهم من أوجبها على الله تعالى وجعل طريق وجوبها العقل فقط ، وهو مذهب الإمامية من الاثني عشرية وغيرهم ويثبتون الوجوب على الله تعالى بأنّ الإمامة لطف في الدين فتجب على الله تعالى بأن لا يخلي الزمان عنه.
ومنهم من أوجبها على الخلق إمّا سمعا فقط ، وهو مذهب أصحاب الحديث
__________________
(١) أتباع نجدة الخارجي ، يقولون بعدم وجوب الإمامة مطلقا. انظر الملل والنحل : ٩٦ ، طبعة طهران ١٢٨٨ ه.
(٢) هو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصمّ المعتزلي ، وكان يخطّئ عليا عليهالسلام في كثير من أفعاله ويصوّب معاوية في بعض أفعاله (٢٢٥ ه) ، أعلام الزركلي ٣ : ٣٢٣.
(٣) في النسختين : النوطي ، والظاهر أنّه يريد هشام بن عمرو الفوطي أحد رءوس المعتزلة ، الفهرست : ٢١٤.