الشهادة فضلا عن الإمامة ويدعو مع ذلك إلى طاعة الله ، ويحرص على بعض أوامر الله ، ويؤيده ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله «إنّ الله ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاسق» (١).
وعن الثالثة : لا نسلّم أنّ أبا بكر بقي معظّما مطلقا ، وبيانه من وجهين :
أحدهما : أنّ لفظ «رضي» لفظ فعل ماض ، ومع ذلك فهو مقيد بوقت البيعة في الشجرة ، والمقيّد بوقت يحتاج في استيعابه في باقي الأوقات إلى دليل.
الثاني : أنّ الرضا أعمّ من الرضا عنه في أفعاله وأحواله ومن الرضا في بعضها ، والمشترك لا يدلّ على إحدى الخصوصيتين ، فلم لا يجوز أن يحمل رضاه عنه هاهنا على الرضا عنه من جهة تصديقه بالرسول صلىاللهعليهوآله ومبايعته له فقط ، وهذا لا ينافي أن يكون غاصبا للخلافة من أهلها. وبأنّه يجوز أن يرضى عن المؤمن من جهة إيمانه ويسخط عليه من جهة فسقه.
وعن الرابعة : أنّ مخاطبة الصحابة أبا بكر بالخلافة كمخاطبتهم لمعاوية ، بل كمخاطبة بني مروان بها ، وسكوت علي لا يدلّ على الرضا ، فإنّ من لزم التقية في وقت عدم تمكّن أبي بكر في طلب هذا الأمر العظيم فلئن يلزم السكوت عن إطلاق لفظ بعد امتداد يد أبي بكر أولى.
وأمّا كون الصحابة صادقين فلا نسلّم أنّ الفقراء الموصوفين بالصفات المذكورة كانوا هم المخاطبين لأبي بكر بالخلافة ، بل كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكونوا هم أصحاب علي عليهالسلام ومن أنكر إمامة أبي بكر.
سلّمناه ، لكنّ الصادق أعمّ من الصادق في كلّ أحواله أو في بعضها ، فلم قلتم أنّ المراد أنّهم صادقون في كلّ أقوالهم ، وحتّى لا يجوز أن يكذبوا ومعلوم أنّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ٢ : ٣٠٩.