أهل اللغة فهموا بحسب القرينة في هذا الخبر أنّ المراد من المولى هو الأولى ، بعد فهمهم أنّه من جملة مسمياتهم اللغوية ، فدعوى أنّه ليس لغة أصلية استلزم أنّه منقول ، وهو معارض بما أنّه خلاف الأصل ، فتفسير هذه الآية أو غيرها إذن بحسب اللغة الأصلية.
وأمّا ذكر أهل اللغة له مرسلا فلا يدلّ على فساده ، فإنّ الإرسال قد يكون لظهور الرواية ، وقد يكون لظهور مطابقة التفسير.
وأمّا تفسيرهم بغير اللغة الأصلية كاليمين وأمثاله فذاك إنّما كان لاستعماله اليمين بمعنى الجارحة على الله تعالى ، فلا جرم لما لم تصحّ الحقيقة للإرادة عدلوا إلى المجاز.
قوله : إنّ أصل تركيب والى (١) يدلّ على القرب والدنوّ إلى آخره.
قلنا : هب أنّه كذلك.
قوله : إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ تفسير أبي عبيدة : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) فإنّها الأولى بكم ليس حقيقة ، إلى آخره.
قلنا : إنّ أفعل جاءت لإثبات الفضل فقط ، فيحتمل أن يكون أبو عبيدة عنى بذلك أنّ النار لها ولايتهم ، لا أنّها أفضل من غيرها ، وذلك لا ينافي غرضنا.
سلّمنا أنّه يقتضي أن يكون للكفار حصّة في الجنّة لكن ذلك حقّ ، وأنّ الإنسان لمبدإ فطرته ثبت استحقاق الجنّة له ، وبأعماله الرديّة الطارئة على نفسه (٢) المرسلة لها ثبت استحقاق النار له ، ولما كانت الشقاوة بحسب الكفر كانت النار لهم
__________________
(١) كذا في النسختين ، ولعلّ الأولى : ولي.
(٢) هذا أقرب ما تقرأ الكلمة في نسخة «ضا» ، وجعلها في «عا» : يقينية ، ولا مناسبة لها.