وفي حديث آخر : لا تقوم حتى لا يقال في الأرض الله الله (١).
وذكر في حديث آخر ، من علامات الساعة أن تظهر الأصوات في المساجد ، وأن يسود القبيلة فاسقهم ، وأن يكون زعيم القوم أرذلهم ، وأن يكرم الرجل مخافة شره.
وبالجملة ، فالأحاديث في هذا الباب كثيرة رواها العدول الثقات وصححها المحدثون الأثبات ، ولا يمتنع حملها على ظواهرها عند أهل الشريعة لأن المعاني المذكورة أمور ممكنة عقلا. وزعمت الفلاسفة أن طلوع الشمس من مغربها مما يجب تأويله بانعكاس الأمور وجريانها على غير ما ينبغي وأوّل بعض العلماء النار الخارجة من الحجاز بالعلم والهداية ، سيما الفقه الحجازي ، والنار الحاشرة للناس بفتنة الأتراك ، وخروج الدجال بظهور السر والفساد ، ونزول عيسى (عليهالسلام) باندفاع ذلك وبدو الخير والصلاح ، وتقارب الزمان بقلة الخير والبركة وذهاب فائدة الأيام والأوقات ، أو بكثرة الغفلة والاشتغال بأمر الدنيا ولذاتها ، وبحدوث الفتن العظام الشاغلة لقلوب الأنام عما يمضي عليهم من الليالي والأيام. وأما يأجوج ومأجوج فقيل : من أولاد يافث بن نوح ، وقيل : جمع كثير من أولاد آدم أضعاف سائر بني آدم ، لأنه لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه ، يحملون السلاح ، فمنهم من هو في غاية الطول خمسون ذراعا ، وقيل. مائة وعشرون ذراعا ، ومنهم من طوله وعرضه كذلك (٢) ومنهم من هو في غاية القصر ، كانوا يخرجون إلى قوم صالحين بقربهم ، فيهلكون زروعهم وضروعهم (٣) ويقتلونهم. فجعل ذو القرنين (٤) سدا دونهم ، فيحفرون كل يوم السد حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا ، فيعيده الله كما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي
__________________
(١) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الفتن ٣٥ باب منه ٢٢٠٧ بسنده عن أنس قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وذكره. قال الترمذي : هذا حديث حسن.
(٢) في (ب) بزيادة (أكثر من ذلك).
(٣) في (ب) مواشيهم بدلا من (ضروعهم).
(٤) قال تعالى في سورة الكهف : (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).