الطرفين أخبار وآثار. والجواز هو الأرجح. والمسألة بالفقهيات أشبه والله أعلم.
قال : الفصل الثاني ـ في المعاد وفيه مباحث.
وهو مصدر أو مكان ، وحقيقة العود توجه الشيء إلى ما كان عليه ، والمراد هاهنا الرجوع إلى الوجود بعد الفناء ، أو رجوع أجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرق ، وإلى الحياة بعد الموت ، والأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة ، وأما المعاد الروحاني المحض على ما يراه الفلاسفة ، فمعناه رجوع الأرواح إلى ما كانت عليه من التجرد عن علاقة البدن ، واستعمال الآلات ، أو التبرؤ عما ابتليت به من الظلمات.
قال : المبحث الأول ـ
يجوز إعادة المعدوم خلافا للفلاسفة مطلقا ، ولبعض المعتزلة في الأعراض ، ولبعضهم في غير الباقية منها كالأصوات لنا إقناعا أن الأصل هو الإمكان حتى يقوم دليل الوجوب أو الامتناع ، والزاما أن المعاد مثل المبدأ ، بل عينه ، فيمتنع كونه ممكنا في وقت ، ممتنعا في وقت ، بل ربما يدعي أن الوجود الأول إفادة زيادة استعداد لقبول الوجود على ما يشير إليه قوله تعالى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (١) وفيه نظر لا يقال : لعله امتنع لأمر لازم لأنا نقول فيمتنع أو لا.
كثير من مباحث المتكلمين يرى في الظاهر أجنبية عن العلم بالعقائد الدينية ، ويعلم عند تحقيق المقاصد الأصلية أنها نافعة في إيراد الحجج عليها ، أو دفع الشبه عنها. وذلك كإعادة المعدوم ، وثبوت الجزء والخلاء ، وصحة الفناء على العالم ، وجواز الخرق على الأفلاك ، وعدم اشتراط الحياة بالبنية ، وعدم لزوم تناهي القوى الجسمانية ، ونحو ذلك في إثبات الحشر وعذاب القبر ، والخلود في الجنة أو النار ... وغير ذلك على اختلاف الآراء. وإنما أخر بحث إعادة المعدوم خاصة إلى هاهنا ، لما لها من زيادة الاختصاص بأمر المعاد ، حيث لا يفتقر إليها إلا في
__________________
(١) سورة الروم آية رقم ٢٧ وتكملة الآية (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).