يصح أن يعاد ، ويوجد في الخارج. وبالجملة فهذا كما يقال : المعدوم الممكن (١) يجوز أن يوجد ، ومن سيولد يجوز ان يتعلم ، إلى غير ذلك من الحكم على ما ليس بموجود في الخارج حال (٢) الحكم. وقد يجاب عن جميع الوجوه بأنا نعني بالإعادة أن يوجد ذلك الشيء الذي هو بجميع أجزائه وعوارضه ، بحيث يقطع كل من يراه ، بأنه هو ذلك الشيء ، كما يقال : أعد كلامك ، أي تلك الحروف بتأليفها وهيئاتها ، ولا يضر كون هذا معادا وفي زمان ، وذاك مبتدأ وفي زمان آخر ولا المناقشة في أن هذا نفس الأول أو مثله. وهذا القدر كاف في إثبات الحشر (٣) ولا يبطل بشيء من الوجوه.
قال : المبحث الثاني ـ
(اختلف الناس في المعاد فنفاه الطبيعيون (٤) ذهابا إلى أن الإنسان هو هذا الهيكل المحسوس الذي يفنى بصورته وأعراضه ، فلا يعاد ، وتوقف جالينوس لتردده في أن النفس هو المزاج أم جوهر باق ، وأثبته الحكماء والمليون. إلا أنه عند الحكماء روحاني فقط ، وعند جمهور المسلمين جسماني فقط بناء على أن الروح جسم لطيف ، وعند المحققين منهم كالغزالي ، والحليمي ، والراغب ، والقاضي ، وأبي زيد روحاني وجسماني ذهابا إلى تجرد النفس ، وعليه أكثر الصوفية والشيعة والكرامية ، وليس بتناسخ ، لأنه عود في الدنيا إلى بدن ما ، وهذا عود في الآخرة إلى بدن من الأجزاء الأصلية للبدن الأول ، والقول بأنه ليس هو الأول بعينه لا يضر ، وربما يؤيد بقوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) (٥) وقوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى) (٦)
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (الممكن).
(٢) في (ب) عند وجود بدلا من (حال).
(٣) في (ب) البعث بدلا من (الحشر).
(٤) الدين يقولون بالطبيعة الخالقة وينكرون الخالق الموجد. وقد ناقشهم الإمام الغزالي في دعواهم الباطلة ورد كيدهم في نحورهم.
(٥) سورة النساء آية رقم ٥٦.
(٦) سورة يس آية رقم ٨١.