وخصوصا الصديقين والشهداء والصالحين ، وأنها في حواصل طيور خضر في قناديل من نور معلقة تحت العرش ، وإن كانت ظواهرها مشعرة بأن الأرواح من قبيل الأجسام على ما قال إمام الحرمين أن الأظهر عندنا أن الأرواح أجسام لطيفة مشابكة للأجسام المحسوسة ، أجرى الله تعالى العادة باستمرار حياة الأجساد ما استمرت مشابكتها بها. فإذا فارقها ، يعقب الموت الحياة في استمرار العادة ، ثم الروح يعرج به ، ويرفع في حواصل طيور خضر في الجنة ، ويهبط به إلى سجين من الكفرة كما وردت فيه الآثار ، والحياة عرض يحيى به الجوهر. والروح يحيا بالحياة أيضا إن قامت به الحياة ، فهذا قولنا في الروح ، كذا في الإرشاد.
قال : المبحث الثالث ـ
(المبحث الثالث اختلف القائلون بصحة فناء الجسم في أنه بإعدام معدم ، أو بحدوث ضد ، أو بانتفاء شرط.
أما الأول ـ فقال القاضي وبعض المعتزلة هو بإعدام الله تعالى بلا واسطة. وقال أبو الهذيل (١) : بأمر افن ، كالوجود بأمر كن.
وأما الثاني ـ فقال ابن الإخشيد (٢) : يخلق الله تعالى الفناء في جهة معينة ، فتفنى الجواهر بأسرها. وقال ابن شبيب (٣) : يخلق الله في كل جوهر فناء ، فيقتضي فناءه في الزمان الثاني. وقال أبو علي : يخلق بعدد كل جوهر فناء ، لا في محل. وقال أبو هاشم (٤) : بل فناء واحدا.
وأما الثالث ـ فقال بشر (٥) : ذلك الشرط بقاء يخلقه الله ، لا في محل. وقال أكثر
__________________
(١) هو محمد بن الهزيل بن عبد الله بن مكحول العبدي مولى عبد القيس أبو الهذيل العلاف ، من أئمة المعتزلة ، ولد في البصرة عام ١٣٥ ه واشتهر بعلم الكلام قال : المأمون : أطل أبو الهذيل على الكلام كإطلال الغمام على الأنام له مقالات في الاعتزال ، ومجالس ومناظرات وكان حسن الجدل قوي الحجة ، سريع الخاطر توفي عام ٢٣٥.
(٢) سبق الترجمة له في الجزء الثاني.
(٣) سبق الترجمة له في الجزء الثالث.
(٤) سبق الترجمة له في الجزء الأول.
(٥) سبق الترجمة له في الجزء الأول.