لأنه شريك في النبوة ، ولا يدل على بقائها ، بعد موت المستخلف ، وليس انتفاؤها عزلا ونقصا ، بل عودا إلى الكمال ، وهو الاستقلال. وتصرف هارون لو بقي إنما يكون لنبوته. وقد انتفت في حق علي (رضي الله عنه) فكذا ما يبني عليها)
تمسك بما يدعون فيه التواتر من الأخبار ، أما حديث الغدير فهو أنه (عليهالسلام) قد جمع الناس يوم غدير خم موضع بين مكة والمدينة ـ بالجحفة وذلك بعد رجوعه من حجة الوداع. وكان يوما صائفا حتى إن الرجل ليضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر ، وجمع الرحال ، وصعد (عليهالسلام) عليها وقال مخاطبا معاشر المسلمين : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : اللهم بلى. قال : فمن كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله (١)
وهذا حديث متفق على صحته أورده علي (رضي الله عنه) يوم الشورى عند ما حاول ذكر فضائله ، ولم ينكره أحد. ولفظ المولى قد يراد به المعتق ، والمعتق ، والحليف ، والجار ، وابن العم ، والناصر ، والأولى بالتصرف ، قال الله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) (٢)
أي أولى بكم. ذكره أبو عبيدة وقال النبي (صلىاللهعليهوسلم) : أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن مولاها (٣) .. أي الأولى بها والمالك لتدبير أمرها ، ومثله في الشعر كثير.
وبالجملة استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للأمر ، والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب منقول عن كثير من أئمة اللغة ، والمراد أنه اسم لهذا المعنى ، لا صفة ، بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة اسم التفضيل ، وأنه لما يستعمل استعماله ، وينبغي أن يكون المراد به في الحديث هو هذا المعنى ليطابق صدر
__________________
(١) الحديث رواه ابن ماجه في المقدمة : فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ١١٦ ـ بسنده عن علي ابن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال أقبلنا مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في حجته التي حج فنزل في بعض الطريق فأمر الصلاة جامعة فأخذ بيد علي فقال : وذكره في الزوائد : إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
(٢) سورة الحديد آية رقم ١٥.
(٣) سبق تخريج هذا الحديث.