الحديث ، ولأنه لا وجه للخمسة الأول ، وهو ظاهر ، ولا للسادس لظهوره وعدم احتياجه إلى البيان ، وجمع الناس لأجله ، سيما وقد قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١).
ولا خفاء في أن الولاية بالناس ، والتولي ، والمالكية لتدبير أمرهم ، والتصرف فيهم بمنزلة النبي (صلىاللهعليهوسلم) هو معنى الإمامة.
والجواب منع تواتر الخبر ، فإن ذلك من مكابرات الشيعة ، كيف وقد قدح في صحته كثير من أهل الحديث ، ولم ينقله المحققون منهم كالبخاري ومسلم ، والواقدي ، وأكثر من رواه لم يرووا المقدمة التي جعلت دليلا على أن المراد بالمولى الأولى ، وبعد صحة الرواية فمؤخر الخبر ـ أعني قوله : اللهم وال من والاه ـ يشعر بأن المراد بالمولى هو الناصر والمحب ، بل مجرد احتمال ذلك كاف في دفع الاستدلال ، وما ذكره من أن ذلك معلوم ظاهر من قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢)
لا يدفع الاحتمال لجواز أن يكون الغرض التنصيص على موالاته ونصرته ، ليكون أبعد عن التخصيص الذي تحتمله أكثر العمومات وليكون أقوى دلالة ، وأوفى بإفادة زيادة الشرف ، حيث قرن بموالاة النبي (صلىاللهعليهوسلم) وهذا القدر من المحبة والنصرة لا يقتضي ثبوت الإمامة ، وبعد تسليم الدلالة على الإمامة فلا عبرة بخبر الواحد في مقابلة الإجماع. ولو سلم ، فغايته الدلالة على استحقاق الإمامة وثبوتها في المآل ، لكن من أين يلزم نفي إمامة الأئمة قبله ، وهذا قول بالموجب ، وهو جواب ظاهر لم يذكره القوم ، وإذا تأملت فما يدعون من تواتر الخبر حجة عليهم ، لا لهم ، لأنه لو كان مسوقا لثبوت الإمامة ، دالا عليه ، لما خفي على عظماء الصحابة ، فلم يتركوا الاستدلال به ، ولم يتوقفوا في أمر الإمامة. والقول بأن القوم تركوا الانقياد عنادا ، وعلي (رضي الله عنه) ترك الاحتجاج تقية آية الغواية هو غاية الوقاحة.
__________________
(١) سورة التوبة آية رقم ٧١ وتكملة الآية (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
(٢) سورة التوبة آية رقم ٧١.