والشفاعة والعون والنصرة في الحق ، لأنّ تلك الأُمور قد فوّضت إليهم.
وبإمعان النظر في التعاريف الثلاثة الماضية بالعبادة يتّضح جليّاً المعيار الأساسي للتوحيد والشرك في العبادة. فكلّ خضوع ناشئ من الاعتقاد بألوهية أو ربوبية المعبود أو كون المعبود قد فوض إليه أمر الموجودات يُعدُّ عبادة ، سواء أكان هذا الاعتقاد حقاً وصحيحاً ، كما في عبادة الله سبحانه ؛ أو كان الاعتقاد باطلاً وغير صحيح ، كما في عبادة الأصنام.
أمّا إذا كان خضوع الإنسان مجرّداً عن هذا الاعتقاد فلا يعدُّ خضوعه عبادة ، بل يُعدُّ تعظيماً وتقديساً ولا يعتبر الإنسان الخاضع حينئذٍ مشركاً ولا عمله شركاً.
ولكن الجدير بالذكر أنّ هذا التعظيم والاحترام غير العبادي تارةً يكون جائزاً وحلالاً ، كتعظيم الأنبياء والأولياء والمعلّمين والمربّين ؛ وأُخرى يكون حراماً وغير جائز ، مثل السجود للأنبياء والأولياء ، ولكن حرمة هذا العمل لا تنبع من كونه عبادةً ، بل بسبب الدليل الذي حرم السجود لغير الله وأنّ ما سواه سبحانه لا يستحقّ السجود له.
من هنا وبعد أن اتّضح الفرق بين التعظيم والعبادة نصل إلى النتيجة التالية ، وهي : إنّ بعض الأعمال التي يقوم بها الإنسان من قبيل تقبيل القرآن الكريم أو أضرحة الأنبياء والأولياء وما يتعلّق بهما لا يُعدُّ عبادة إذا لم يكن مقترناً باعتقاد الألوهية أو الربوبية أو التفويض.