كلام من المرسل
إلى المرسل إليه ، وأنّ وصف أي إنسان بأحد هذين الوصفين فإنّما هو بسبب هذين
الملاكين المتمايزين.
الثاني : إنّ مقام
النبوّة أعلى وأسمى من مقام الرسالة ، لأنّ الحيثية المقوّمة للنبوة هي حيثية
الاتّصال والارتباط بالمقام الربوبي ، واستعداد النفس لوعي ما ينزل به الوحي من
المبدأ الأعلى ، وأمّا الحيثية المقوّمة للرسالة فهي حيثية تحمل تنفيذ عمل أو
إبلاغ قول من المرسل ، وأين شرف الاتّصال بالله والمبدأ الأعلى من شرف تحقيق
وتنفيذ عمل في الخارج أو إبلاغ كلامٍ عن شخصٍ إلى الغير.
وبالطبع انّ في
مجال الانطباق على المصاديق يكون النبيّ أفضل من الرسول ، وذلك لأنّه في حال
اجتماع النبوة والرسالة في شخص واحد فيكون نبياً ورسولاً فإنّ فضيلته وشرفه إنّما
ينبعان من كونه نبياً لا من كونه رسولاً ، وإذا ما كان لرسالته فضل أيضاً ، فبلا
ريب أنّ الفضل النابع من جهة النبوة أفضل من الفضل والشرف النابعين من جهة
الرسالة.
الثالث : النبوّة
أساس رسالة الإنسان من الله سبحانه ، إذ رسالة الإنسان من جانب الله ـ كما قلنا ـ لإبلاغ
أمره أو زجره لا تتحقّق إلّا باتّصاف الرسول بالنبوة ، وأنّ الرسول الذي أُمرنا
باتّباعه ووجوب طاعته هو الرسول المبعوث من قبل الله ، لا أي رسول حتّى لو كان
ملكاً أو كان رسولاً من قبل إنسان آخر. وعلى هذا الأساس تكون المرتبة الأُولى هي
مرتبة النبوة والارتباط بعالم الغيب ، وبعد ذلك تتعقبها مرتبة الرسالة.
الرابع : إنّ
النسبة بين مفهوم النبي وبين مفهوم الرسول الخاص ـ أعني : الإنسان المبعوث من جانب
الله سبحانه ـ هي نسبة التساوي بحيث كلّما صدقت النبوّة صدقت بتبعها الرسالة ،
وأنّ الأنبياء الفاقدين للرسالة حالة شاذّة ونادرة لا