الوليّ وهو القرب ، فالمعنىٰ : أنَّ النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.
والثاني : قال الكلبي : يعني أَولىٰ بكم ، وهو قول الزجّاج والفرّاء وأبي عبيدة.
واعلم أنَّ هذا الذي قالوه معنىً ، وليس بتفسير اللفظ ؛ لأنّه لو كان ( مولى ) و ( اولىٰ ) بمعنىً واحد في اللغة لصحّ استعمال كلِّ واحد منهما في مكان الآخر ، فكان يجب أن [ يصح أن ] (١) يقال : هذا مولىً من فلان [ كما يقال هذا أَولىٰ من فلان ، ويصح أن يقال هذا أَولىٰ فلان كما يقال هذا مولىٰ فلان ] (٢) ، ولمّا بطل ذلك علمنا أنَّ الذي قالوه معنىً ، وليس بتفسير.
وإنَّما نبّهنا علىٰ هذه الدقيقة ؛ لأنّ الشريف المرتضىٰ ـ لمّا تمسّك في إمامة عليّ بقوله عليهالسلام : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه » ـ قال : أحد معاني ( مولى ) أنَّه ( اولىٰ ) ، واحتجَّ في ذلك بأقوال أئمّة اللغة في تفسير هذه الآية بأنَّ ( مولىً ) معناه ( اولىٰ ) وإذا ثبت أنَّ اللفظ محتمِلٌ له وجب حمله عليه ؛ لأنَّ ما عداه إمّا بيِّن الثبوت ككونه ابن العمّ (٣) والناصر ، أو بيّن الانتفاء كالمُعتِق والمُعتَق ، فيكون على التقدير الأوّل عبثاً ، وعلى التقدير الثاني كذباً.
وأمّا نحن فقد بينّا بالدليل أنَّ قول هؤلاء في هذا الموضع معنىً لا تفسير ، وحينئذٍ يسقط الاستدلال به. تفسير الرازي (٤) ( ٨ / ٩٣ ).
وقال في نهاية العقول : إنَّ المولىٰ لو كان يجيء بمعنى ( الأَولىٰ ) لصحّ أن يقرن بأحدهما كلّ ما يصحُّ قرنه بالآخر ، لكنّه ليس كذلك ، فامتنع كون المولىٰ بمعنى الأَولىٰ.
___________________________________
(١) و (٢) الزيادة من المصدر.
(٣) هذه غفلة عجيبة ، وسيُوافيك أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ابن عمّ جعفر وعقيل وطالب وآل أبي طالب كلّهم ، ولم يكن أمير المؤمنين ابن عمّ لهم ، فإنّه كان أخاهم ، فهذا ممّا يلزم منه الكذب لو أُريد من لفظ ( المولىٰ ) ، لا ممّا هو بيّن الثبوت. ( المؤلف )
(٤) التفسير الكبير : ٢٩ / ٢٢٧ .