همة صاحب الحاجة وهي استيلاء صاحب تلك الروح العزيزة على صاحب الحاجة ، وكما تؤثر مشاهدة صور صورة الحي في حضور ذكره وخطورة نفسه بالبال ، فكذلك تؤثر مشاهدة ذلك الميت ومشاهدة تربته التي هي حجاب قالبه ، فإن أثر ذلك الميت في النفس عند غيبة قالبه ومشهده ليس كأثره في حال حضوره ومشاهدة قالبه ومشهده ، ومن ظن أنه قادر على أن يحضر في نفس ذلك الميت عنده غيبة مشهدة كما يحضر عند مشاهدة مشهده ، فذلك ظن خطأ ، فإن للمشاهدة أثرا بيّنا ليس للغيبة مثله ، ومن استعان في الغيبة بذلك الميت لم تكن هذه الاستعانة أيضا جزافا ولا تخلو من أثر ما كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : " من صلّى علي مرّة صلّيت عليه عشرا"." ومن أجاب المؤذّن حلّت له شفاعتي"." ومن زار قبري حلّت له شفاعتي". فالتقرب بقالبه الذي هو أخص الخواص له وسيلة تامة متقاضية للشفاعة والتقرب بولده الذي هو بضعة منه ، ولو بعد توالد وتناسل ، والتقرب بولده الذي هو بضعة منه ، ولو بعد توالد وتناسل ، والتقرب بمشهده ومسجده وبلدته وعصاه وسوطه وبعله وعضادته والتقرب بعادته وسيرته والتقرب بكل ما له منها مناسبة إليه تقرب موجب للقرب إليه مقتض لشفاعته ، فإنه لا فرق عند الأنبياء في كونهم في دار الدنيا وفي كونهم في دار الآخرة لا في طريق المعرفة ، فإن آلة المعرفة في الدنيا الحواس الظاهرة وفي العقبى آلة يعرف بها الغيب إما في كسوة مثال ، وإما على سبيل التصريح ، وأما الأحوال الآخر في التقرب والقرب والشفاعة فلا تتغير ، والركن الأعظم في هذا الباب الإمداد والاهتمام من جهة الممد ، وإن لم يشعر صاحب الوسيلة بذلك المدد ، فإنه لو وضع شعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو عضادته أو سوطه على قبر عاص أو مذنب نجا ذلك المذنب ببركات تلك الذخيرة من العذاب ، وإن كان في دار إنسان أو بلدة لا يصيب تلك الدار وأهلها وتلك البلدة وسكانها ببركاتها بلاء ، وإن لم يشعر بها صاحب الدار وساكن البلدة ، فإن اهتمام النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في العقبى مصروف إلى ما هو به منسوب ، ودفع المكاره والأمراض والعقوبات مفوضة من جهة الله تعالى إلى الملائكة ، وكل ملك حريص على إسعاف ما حرص النبي صلوات الله عليه بهمته إليه عن غيره ، كما كان في حال حياته ، فإن تقرب الملائكة بروحه المقدسة بعد موته أزيد من تقربه به في حال حياته.
وقد حكي أن أبا طاهر الهجري القرمطي رفع إنسانا على عنقه حتى يجر ميزاب الكعبة ، فمات الإنسان على عاتقه وخرّ هو ميتا ، وأن جماعة من المصريين نقبوا في جدار روضة النبيصلىاللهعليهوسلم وقصدوا إخراج شخصه ونقله إلى مصر كان ذلك في نصف الليل ، فسمع أهل المدينة صوتا من الهواء احفظوا نبيكم معاشر المسلمين ، احفظوا نبيكم فأوقدوا السراج بل أوقدوا السرج والشموع والمشاعل. ورأوا ذلك النقب في الجدار وحوله جماعة من المصريين موتى.
ونقل أنه صلىاللهعليهوسلم غرس غصنا رطبا في قبر إنسان وقال : رفع الله تعالى عن صاحبه العذاب ما دام هذا الغصن رطبا ، وذلك من بركات يديه صلىاللهعليهوسلم وكل من أطاع سلطانا وعظمه ، فإذا دخل بلده ورأى فيها