إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

المؤلف :أبو حامد الغزالي

الموضوع :العقائد والكلام

الناشر :دار الفكر

الصفحات :586

تحمیل

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

359/586
*

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الأجوبة الغزاليّة في المسائل الأخروية

المضنون الصغير

سئل الشيخ الإمام الأجل الزاهد السيد حجة الإسلام زين الدين مقتدي الأمة قدوة الفريقين أبو حامد محمد بم محمد بن محمد العزالي قدس الله روحه ونوره ضريحه عن معنى قوله تعالى: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [ص : ٧٢]. ما التسوية وما النفخ وما الروح؟

فقال : التسوية فعل في المحل القابل للروح ، وهو الطين في حق آدم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنطفة في حق أولاده بالتصفية وتعديل المزاج ، فإنه كما لا يقبل النار يابس محض كالتراب والحجر ولا رطب محض كالماء ، بل لا تتعلق النار إلا بمركب من يابس ورطب ولا كل مركب ، فإن الطين مركب ولا تشتعل فيه النار ، بل لا بدّ بعد تركيب الطين الكثيف من تردد في أطوار الخلقة حتى يصير نباتا لطيفا ، فتثبت فيه النار وتشتعل فيه ، وكذلك الطين بعد أن يفشئه الله خلقا بعد خلق في أطوار متعاقبة يصير نباتا ، فيأكله الآدمي فيصير دما فتنتزع القوة المركبة في كل حيوان صفوة الدم الذي هو أقرب إلى الاعتدال ، فيصير نطفة فيقبلها الرحم ويمتزج بها مني المرأة فتزداد عند ذلك اعتدالا ، ثم ينضجها الرحم بحرارته فتزداد تناسبا حتى تنتهي في الصفاء. واستواء نسبة الأجزاء إلى الغاية فتستعد لقبول الروح وإمساكها ، كالفتيلة التي تستعد عند شرب الدهن لقبول النار وإمساكها ، فالنطفة عند تمام الاستواء والصفاء تستحق باستعدادها روحا يدبرها ويتصرف فيها ، فتفيض إليها من جود الجواد الحق الواهب لكل مستحق ما يستحقه ، ولكل مستعد ما يقبله على قدر قبوله واحتماله من غير منع ولا بخل ، فالتسوية عبارة عن هذه الأفعال المرددة لأصل النطفة في الأطوار السالكة بها إلى صفة الاستواء والاعتدال.

فصل

وسئل ما النفخ؟

فقال : النفخ عبارة عما أشعل نور الروح في فتيلة النطفة وللنفخ صورة ونتيجة أما صورته ، فإخراج الهواء من جوف النافخ إلى جوف المنفوخ فيه حتى يشتعل الحطب القابل للنار ، فالنفخ سبب الاشتعال ، وصورة النفخ الذي هو سبب في حق الله تعالى محال والمسبب غير محال ، وقد يكنى بالسبب عن الفعل الذي يحصل المسبب عنه على سبيل المجاز ، وإن لم يكن الفعل المستعار له على صورة الفعل المستعار منه كقوله تعالى : (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ)