التقوى كلها. وقال
: ها أنا تشكل علي مسائل فإني لا أرى أتوضأ من اللمس والقيء والرعاف وأنوي الصوم
بالليل في رمضان أو بالنهار إلى غير ذلك ، فأقول له : إن كنت تطلب الأمان في طريق
الآخرة فاسلك سبيل الاحتياط وخذ مما يتفق عليه فتوضأ من كل ما فيه خلاف فإن كل من
لا يوجبه يستحبه ، وانو الصوم بالليل في رمضان فإن من لا يوجبه يستحبه ، فإن قال :
هو ذا يثقل علي الاحتياط ويعرض لي مسائل تدور بين النفي والإثبات ، وقال : لا أدري
أأقنت في الصبح أم لا وأجهر بالتسمية أم لا ، فأقول له : الآن اجتهد مع نفسك وانظر
إلى الأئمة أيهم أفضل عندك وصوابه أغلب على قلبك كما لو كنت مريضا وفي البلد أطباء
فإنك تختار بعض الأطباء باجتهادك لا بهواك وطبعك فيكفيك مثل ذلك الاجتهاد في أمر
دينك ، فمن غلب على ظنك أنه الأفضل فاتبعه فإن أصاب فيما قال عند الله فله في ذلك
أجران. وإن أخطأ فله عند الله في ذلك أجر واحد ، وكذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ قال : " من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ
فله أجر واحد". ورد الله تعالى الأمر إلى أهل الاجتهاد وقال تعالى لتعليمه
الذين يستنبطونه منهم وارتضى الاجتهاد لأهله وقال تعالى لتعليمه الذين يستنبطونه
منهم وارتضى الاجتهاد لأهله إذ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمعاذ : بم تحكم؟ قال : بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال
: بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال فإن لم تجد؟ قال : أجتهد رأيي ، قال : ذلك قبل أن
أمره به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأذن له فيه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يرضاه رسول
الله». ففهم من ذلك أنه مرضي به من رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمعاذ وغيره ، كما قال الأعرابي إني هلكت وأهلكت واقعت
أهلي في نهار رمضان ، فقال : أعتق رقبة ففهم أن التركي أو الهندي لو جامع أيضا
لزمه الإعتاق وهذا لأن الخلق ما كلفوا الصواب عند الله فإن غير ذلك مقدور عليه ولا
تكليف بما لا يطاق بل كلفوا ما يظنونه صوابا ، كما لم يكلفوا الصلاة بثوب طاهر بل
بثوب يظنونه أنه طاهر ، فلو تذكروا نجاسته لم يلزمهم القضاء إذ نزع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : نعله في أثناء الصلاة لما أنبأه جبريل أن عليه قذرا ولم
يعد الصلاة ولم يستأنف ، وكذلك لم يكلف أن يصلي إلى القبلة بل إلى جهة يظن أنها
القبلة بالاستدلال بالجبال والكواكب والشمس فإن أصاب فله أجران وإلا فله أجر واحد.
ولم يكلفوا أداء الزكاة إلى الفقير بل إلى من ظنوا فقره لأن ذلك لا يعرف باطنه ولم
يكلف القضاة في سفك الدماء وإباحة الفروج طلب شهود يعلمون صدقهم بل من يظنون صدقه
، وإذا جاز سفك دم بطن يحتمل الخطأ وهو ظن صدق الشهود فلم لا تجوز الصلاة بظن
شهادة الأدلة عند الاجتهاد ، وليت شعري ما ذا يقول رفقاؤك في هذا؟ يقولون إذا
اشتبهت عليه القبلة يؤخر الصلاة حتى يسافر إلى الإمام ويسأله أو يكلفه الإصابة
التي لا يطيقها ، أو يقول اجتهد لمن لا يمكنه الاجتهاد إذ لا يعرف أدلّة القبلة
وكيفية الاستدلال بالكواكب أو الجبال والرياح.
قال : لا شك في
أنه يأذن له في الاجتهاد ثم لا يؤثمه إذا بذل مجهوده وإن أخطأ أو صلّى