الباب الثالث والثلاثون
في بيان النية ويضاف إليها القصد والعزم والإرادة لأنهن من
توابعها
فأما النية : فهي الوسيلة بعد الإيمان إلى السعادة العظمى في الأولى والعقبى ، فإذا عرفت هذا وجب عليك فهم حقيقتها أو تحصينها مما يشوبها من الحظوظ الدنيوية وجوبا وعن الأغراض والأعواض الأخروية استحبابا. فأما النية : فهي عبارة عن تمييز الأغراض بعضها عن بعض. فأما القصد : فهو جمع الهمة نحو الغرض المطلوب والعزم هو تقوية القصد وتنشيطه ، والإرادة تصرف الموانع المثبطة.
الباب الرابع والثلاثون
في بيان الصدق ، ويضاف إليه الانفصال والاتصال والتحقيق والتفريد. لأنهن من علاماته
أما الصدق في حق الله تعالى ، فهو وصف ذاتي راجع إلى معنى كلامه.
وأما الصدق في وصف العبد : فهو استواء السر والعلانية والظاهر والباطن ، وبالصدق يتحقق جميع المقامات والأحوال حتى أن الإخلاص مع جلالته يفتقر إلى الصدق والصدق لا يفتقر إلى شيء ، لأن حقيقة الإخلاص في العبادة هو إرادة الله تعالى بالطاعة ، فقد يراد الله تعالى بالصلاة مثلا ولكنه غافل من حضور القلب فيها والصدق هو إرادة الله تعالى بالعبادة ، مع حضوره مع الله تعالى فكل صادق مخلص وليس كل مخلص صادقا. وهذا معنى الانفصال والاتصال ، لأنه انفصل عن غير الله تعالى واتصل بالحضور بالله تعالى.
وأما التحقيق : فهو تمييز المقامات والأحوال بعضها من بعض وتخليصها من الأغيار والشوائب.
وأما التفريد : فهو وقوف العبد مع الله تعالى بلا علم ولا حال لشهوده تفرد الله تعالى بإيجاد كل موجود وشمول قدرته كل مقدور.
الباب الخامس والثلاثون
في بيان الرضى
قال الحارث : الرضى سكون القلب تحت جريان الحكم. وقال ذو النون : الرضى سرور القلب بمر القضاء. وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّا». وقال عليهالسلام : «إنّ الله بحكمته جعل الرّوح في الرضى واليقين ، وجعل الهمّ والحزن في الشّكّ والسخط». وقال الجنيد : الرضا هو صحة العلم الواصل إلى القلوب ، فإذا باشر القلب حقيقة العلم أداه إلى الرضا ، وليس الرضا والمحبة كالخوف والرجاء فإنهما حالان لا يفارقان العبد في الدنيا والآخرة ، لأنه في الجنة لا يستغني عن الرضا والمحبة. وقال ابن عطاء : الرضا