وأما ما يختص بأهل الدين والخاصة من العلماء : فهو الغضب لله تعالى على فاعل المنكر والتعجب من فعله والشفقة عليه والرحمة. فهذه من أغمض الأسباب وأخفاها ، لأن الشيطان يخيل للجهلة من العلماء أن الغضب والتخيل إذا كانت لله تعالى كانت عذرا مرخصا في ذكر الاسم بالغيبة حاجات مخصوصة لا مندرجة عنها في ذكر الاسم بالغيبة ، وهي التظلم إلى الحكام والاستفتاء والاستعانة على إزالة المنكر والتحذير والنصيحة والتعريف باللقب. فهذه ثلاثة أمور هي المستثناة في الشرع من الغيبة للضرورة.
وأما معالجة مرضها : فهو أن تعلم أنك متعرض لسخط الله تعالى بغيبة أخيك المسلم ومحبط لحسناتك بنقلها إلى صحائف من استغبته.
وأما أركان التوبة منها : فهي العلم والندم والإقلاع والعزم واستحلال من استغبته بذكر ما اغتبته به إلا أن يتعذر عليك فتدعو له.
وأما حكم النميمة : فاعلم أنها محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وأما حدها : فهو نقل كلام بعض الناس إلى بعض على قصد الإفساد ، وسواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما. وأما سببها : فهو إما إرادة السوء بالمنقول عنه أو التحبب إلى المنقول إليه والخوض في الباطل. وأما معالجة مرضها : فهو أن تكف لسانك عنها حذرا من ضررها.
وأما أركان التوبة منها : فهي العلم والندم والإقلاع والعزم. وأما ما ذا يجب على من نقلت إليه نميمة فهو ستة أمور وهي : أن لا يصدقه وأن ينهاه ، وأن يبغضه في الله تعالى ، لأن بغيض عند الله تعالى ، ويجب بغض من يبغضه الله تعالى ، وأن لا ينم عليه ، وأن لا يتجسس عن المنقول عنه ، وأن لا يسيء الظن.
واعلم أن سوء الظن بالمسلم حرام كسوء القول. وحدّه أن تحكم على أخيك المسلم بالسوء بما لا تعلمه. وأما ذو اللسانين : فهو الذي ينقل كلام المتعادين بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد ، فإن لم ينقل كلاما ولكن حسن لكل واحد منهما ما هو عليه من العداوة أو وعد كلاهما بأن ينصره أو أثنى عليهما في معاداتهما أو أثنى على أحدهما ، وكان إذا خرج من عنده يذمه فهو ذو لسانين في ذلك كله ، بل ينبغي له أن يسكت أو يثني على المحق منهما في حضوره وغيبته وعند عدوه. وأما المدح : فهو منهي عنه في بعض المواضع ، وفيه ست آفات أربع في المادح واثنان في الممدوح. فأما التي في المادح.
فالأولى : أنه قد يفرط في المدح حتى ينتهي إلى الكذب.
وثانيها : أنه قد يدخله الرياء فإنه بالمدح مظهر للحب وقد لا يكون كذلك ، أو أنه قد لا يكون معتقدا لجميع ما يقوله فيصير به مرائيا منافقا.
وثالثها : أنه قد يقول ما لا يتحققه فيكون كاذبا مزكيا من لم يزكه الله تعالى وهذا هلاك.