يتكلم بما لو سكت عنه لم يأثم ولم يتضرر في حال ولا مآل. وأما فضول الكلام : فهو الزيادة على قدر الحاجة فيما يغني.
وأما الخوض في الباطل : فهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وكحكاية مذاهب أهل الأهواء. وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على وجه الاستنقاص ببعضهم. وأما المراء : فهو الاعتراض على الغير بإظهار خلل في لفظه أو معناه أو قصده به. وأما المجادلة : فهو مراء يتعلق بالمذاهب وتقريرها. وأما الخصومة : فهي لجاج في الكلام بإظهار اللدد على قصد الإيذاء ومزج الخصومة بكلمات مؤذية لا يحتاج إليها في نصر الحجة. وأما التعقر في الكلام : فهو تكلف الفصاحة بالتشدق. وأما الفحش : فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة. وأما اللعن : فهو ما يكون لجماد أو لحيوان أو لإنسان وكل ذلك منهي عنه لأن اللعن هو الإبعاد عن الله ، ولا يجوز اللعن إلا على من يتصف بصفة تبعده عن الله تعالى والصفات المقتضية للعن ثلاثة : الكفر والبدعة والفسق فيجوز لعن كل صنف من هذه الثلاثة. فأما لعن شخص بعينه من هذه الأصناف فلا يجوز إلا على من علم موته على الكفر كفرعون وأبي جهل وأبي لهب لاحتمال موته على الإسلام وأما الشعر : فحسنه حسن وقبيحه قبيح كالكلام. وأما المزاح : فهو منهي عنه إلا عن يسير لا كذب فيه ولا أذى. وأما السخرية : فهي التنبيه على العلوم والنقائص على وجه الضحك منه ومهما كان مؤذيا حرم وإلا فلا. وأما إفشاء السر : فهو حرام إن كان فيه إضرار وإن لم يكن فيه إضرار فهو لوم. وأما الوعد الكاذب : فهو من علامات النفاق وذلك أنه إذا كان في حال الوعد عازما على الخلف إذا أخلف من غير عذر. وأما من عزم على الوفاء وطرأ له عذر منعه من الوفاء فذلك ليس بنفاق ، ولكن ينبغي أن يحترز من صورة النفاق أيضا. وأما الكذب في القول واليمين : فهو من قبائح الذنوب. وأما ما رخص فيه من الكذب : فاعلم أن الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوسل إليه بالصدق والكذب جميعا ، فالكذب فيه حرام وإن أمكن التوسل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ، وإن كان تحصيل ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه. وأما حكم الغيبة : فاعلم أنها محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة إلا ما يستثنى منها. وأما حدها : فهو أن تذكر أخاك المسلم في حال غيبته بما فيه مما يكرهه لو بلغه وسواء ذكره بنقص في دينه أو دنياه أو قوله أو فعله أو خلقه أو خلقه أو ملبسه أو مكسبه أو نسبه أو داره أو دابته ، وسواء في ذلك القول والفعل والغمز والرمز والإشارة والإيماء والتعريض والكناية ، فكل ذلك حرام.
وأما الأسباب الباعثة على الغيبة ، فمنها : ما يختص بالعامة ، ومنها : ما يختص بأهل الدين والخاصة من العلماء. فأما ما يختص بالعامة فهو الغضب والحقد والحسد وموافقة الرفقاء في الهزل واللعب والاستهانة والاستحقار والتصنع والمباهاة والترفع على الغير وإرادة التبرّؤ من غيب نسب إليه ينسبه إلى من فعله والمبادرة بتقبيح حال من يخشى أن يستقبح حاله عند كبير أو محتشم.