فصل
اعلم : أنه يجب على العبد أن يتحفظ في العمل من عشرة أشياء : النفاق والرياء والتخليط والمن والأذى والندامة والعجب والحسرة والتهاون وخوف ملامة الناس. ثم ذكر شيخنا رحمهالله تعالى ضد كل خصلة منها وإضرارها بالعمل ، فضد النفاق إخلاص العمل لله تعالى ، وضد الرياء إخلاص طلب الأجر ، وضد التخليط التقوى ، وضد المن تسليم العمل لله تعالى ، وضد الأذى تحصين العمل ، وضد الندامة تثبيت النفس ، وضد العجب ذكر المنة لله تعالى ، وضد الحسرة اغتنام الخير وضد التهاون تعظيم التوفيق ، وضد خوف ملامة الناس خشية الله تعالى.
ثم اعلم أن النفاق يحبط العمل والرياء يوجب رده ، والمن والأذى يحبطان الصدقة في الوقت. وعند بعض المشايخ يذهبان أضعافها ، وأما الندامة فإنها تحبط العمل في قولهم جميعا ، والعجب يذهب أضعاف العمل والحسرة والتهاون يخففان العمل. فعليك بقطع هذه العقبة المخوفة الخطرة وبالله التوفيق.
الباب السادس عشر
في الرد على من أجاز الصغائر على الأنبياء صلّى الله عليهم
وسلّم
قال القاضي عياض رحمهالله تعالى في كتابه الشفاء :
اعلم : أن المجوزين للصغائر على الأنبياء صلّى الله عليهم وسلّم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين احتجوا على ذلك بظواهر كثيرة من القرآن والحديث إن التزموا ظواهرها أفضت بهم إلى تجويز الكبائر وخرق الإجماع ما لا يقول به مسلم ، فكيف وكل ما احتجوا به مما اختلف المفسرون في معناه وتقابلت الاحتمالات في مقتضاه وجاءت أقاويل فقهاء السلف بخلاف ما التزموه من ذلك. فإذا لم يكن مذهبهم إجماعا وكان الخلاف فيما احتجوا به قديما وقامت الدلالة على خطأ قولهم وصحة غيره وجب تركه والمصير إلى ما صح ، والله تعالى أعلم.
فصل فيما يجب على الأنام من حقوق النبي عليه أفضل
الصّلاة والسّلام
أولها : تصديقه في كل ما جاء به وما قاله ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان أنه رسول الله إلى الناس كافة واتباعه في جميع ما أمر به أو نهى عنه ، وكذلك محبته ومناصحته وتوقيره وبرّه والصلاة عليه كل ذلك واجب ، لأنه مما جاء به صلىاللهعليهوسلم.
واعلم : أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي صلىاللهعليهوسلم من الشيطان وكفايته منه فلا يصل إلى ظاهره بشيء من أنواع الأذى ولا إلى باطنه بشيء من الوساوس ، وكذا عصمته عن الجهل بالله تعالى وصفاته أو كونه على حالة تنافي العلم بشيء من ذلك كله جملة بعد النبوة عقلا وإجماعا