الهدى معتصما بحبل الله عزوجل صابرا محتسبا موقنا بأن نصر الله قريب ، وأن يدل فرسان الهدى وجند الحق على مقاتل هؤلاء الأعداء أي المواضع التي يقتلون منها ، وأن يدفع في نحورهم بألفاظ النصوص الثابتة وأن يرميهم بشهبها الثاقبة وأن لا يخشى كثرة عددهم ولا شدة صخبهم وضجيجهم فإنهم همج رعاع لا يثبتون عند لقاء بل هم أهون من هذا الذبان الذي لا يقدر على شيء رغم ما له من طنين.
على أن هؤلاء الأعداء وان كانوا البا واحدا على أهل الحق ، فإنهم متنازعون فيما بينهم ، فالحزم يقتضي بأن نصرفهم عن مناوشتنا بأن نشغل بعضهم ببعض ، فنستفيد من ذلك معرفة بفساد مقالتهم جميعا ، وبالمطاعن التي يوجهها كل منهم إلى الآخرين ، أما إذا تصالحوا على حربنا وحملوا علينا ، فالواجب أن لا نحزن لحملاتهم وأن لا نجبن عن لقائهم ، وأن نحشد جنودنا لمقاتلتهم ، فإن الحرب بلا جند وأعوان ليست مما يحمده الأبطال والشجعان.
* * *
فإذا رأيت عصابة الإسلام قد |
|
وافت عساكرها مع السلطان |
فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن |
|
بالعاجز الواني ولا الفزعان |
وتعر من ثوبين من يلبسهما |
|
يلقى الردى بمذمة وهوان |
ثوب من الجهل المركب فوقه |
|
ثوب التعصب بئست الثوبان |
وتحل بالانصاف أفخر حلة |
|
زينت بها الأعطاف والكتفان |
واجعل شعارك خشية الرحمن مع |
|
نصح الرسول فحبذا الأمران |
وتمسكن بحبله وبوحيه |
|
وتوكلن حقيقة التكلان |
الشرح : بعد أن نهى صاحب الحق أن يحارب وحده بلا جند وأعوان ، وأن ذلك من التهور الذي لا يليق بأهل الإيمان أمره إذا توافدت عصابة الحق ووافت عساكرها مع السلطان أن لا يكون بخائر ولا جبان ، بل عليه أن يقتحم الصفوف ويخوض غمار الردى في غير عجز ولا ونى ولا فزع من العدا. ثم أمره أن يتجرد