قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح القصيدة النونيّة [ ج ١ ]

شرح القصيدة النونيّة

شرح القصيدة النونيّة [ ج ١ ]

تحمیل

شرح القصيدة النونيّة [ ج ١ ]

324/435
*

الكتاب والسنة ، فيتعوض عنه بجهله وظلمه ، ويريده بالكذب والافتراء عوجا ليسلم له زيفه ويروج باطله ، والناس كلهم إلا من عصم الله ليسوا أهل بصر بالنقود ، فلا يقدرون على تمييز الجيد من الرديء ، ولا لهم خبرة بوزن الأقوال وتمحيص الآراء ، اللهم إلا أفراد قلائل يوجدون في الأزمان المتطاولة. ولذلك تجد الزيف هو النقد المتداول بينهم والرائج في الأسفار والبلدان ، لأنهم قد تعارفوا عليه وارتضوه جهرة بلا كتمان.

* * *

فإذا أتاهم غيره ولو أنه

ذهب مصفى خالص العقيان

ردوه واعتذروا بأن نقودهم

من غيره بمراسم السلطان

فإذا تعاملنا بنقد غيره

قطعت جوامكنا من الديوان

والله منهم قد سمعنا ذا ولم

نكذب عليهم ويح ذي البهتان

يا من يريد تجارة تنجيه من

غضب الإله وموقد النيران (١)

وتفيده الأرباح بالجنات

والحور الحسان ورؤية الرحمن

في جنة طابت ودام نعيمها

ما للفناء عليه من سلطان

هيئ لها ثمنا يباع بمثلها

لا تشترى بالزيف من أثمان

نقدا عليه سكة نبوية

ضرب المدينة أشرف البلدان

الشرح : فإذا جاءهم أحد بنقد آخر غير هذا الذي تعارفوا عليه ردوه على الناقد ، ولو كان من نضار الذهب وخالصه معتذرين بأن نقدهم عليه سكة السلطان فإذا هم تعاملوا بنقد غيره قطعت رواتبهم من ديوان الحكومة ، وكأن المؤلف رحمه‌الله يشير بهذا إلى حال كثير من العلماء الرسميين الذين توظفهم الحكومة في بعض الوظائف ، مثل القضاء والافتاء والحسبة وغيرها ، فيتوخون في أعمالهم موافقة الحكام في مذاهبهم ولا يجرءون على مخالفتها خوفا من العزل وهذا المعنى كان موجودا منذ قريب عندنا في مصر في عهد الحكم التركي ، حين كان

__________________

(١) وموقد بفتح القاف مضاف إلى النيران إضافة صفة إلى موصوف ، والتقدير والنيران الموقدة.