الاسراء ، وزعموا أن تكليم الله لموسى انما هو بكلام خلقه في الشجرة أو في الهواء ، ويقال أن أول من ابتدع هذه المقالة في الاسلام هو الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية ، كما سبقت الاشارة إليه ، فضحى به خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بواسط في يوم عيد الأضحى حيث قال :
(أيها الناس اذهبوا إلى اضاحيكم يتقبل الله منكم فإني مضح بالجعد بن درهم أنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولا كلم موسى تكليما) ثم نزل فذبحه ، وكان ذلك بفتوى أهل زمانه من التابعين ، فشكر له صنيعه أهل السنة والجماعة.
ثم أخذ هذا المذهب عن الجعد الجهم بن صفوان الذي تقدمت ترجمته فأظهره وناظر عليه. وعن الجهم انتقل إلى المعتزلة اتباع (عمرو بن عبيد) الذين ظهر أمرهم واستفحل في عهد المأمون وأخيه المعتصم ، حتى امتحن أهل السنة امتحانا شديدا كان من نتيجته أن ضرب امام أهل السنة أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه وطيف به ، وينبغي أن يعلم أن محبته تعالى وخلته انما هما على ما يليق به كسائر صفاته فلا مشابهة بين ما هو ثابت للخالق جل وعلا من ذلك وبين ما هو ثابت للمخلوق.
* * *
والعبد عندهم فليس بفاعل |
|
بل فعله كتحرك الرجفان |
وهبوب ريح أو تحرك نائم |
|
وتحرك الأشجار للميلان |
والله يصليه على ما ليس من |
|
أفعاله حر الحميم الآن |
لكن يعاقبه على أفعاله |
|
فيه تعالى الله ذو الاحسان |
والظلم عندهم المحال لذاته |
|
أنى ينزه عنه ذو السلطان |
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما |
|
هذا بمقبول لدى الأذهان |
يرى الجهم أنه لا اختيار للعبد في شيء من فعله ، وأن أفعاله تصدر عنه على سبيل الاضطرار ، بل هو يرى أن لا فعل للعبد أصلا وأن الفعل ينسب إليه