وكانت ذات جمال بارع ، وكان عثمان مشتهرا بالنساء ، وكان وضيئا حسنا جميلا أبيض مشربا صفرة جعد الشعر له جمّة أسفل من أذنيه ، جذل الساقين ، طويل الذراعين ، أقنى بيّن القنا ، قال عثمان : فلما سمعت ذلك دخلتني حسرة ألّا أكون سبقت إليها ، فلم ألبث أن انصرفت إلى منزلي ، فأصبت خالتي قاعدة مع أهلي ، قال : وأمّه أروى بنت كريز ، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب ، وخالته التي أصابها عند أهله سعدى بنت كرز ، وكانت قد طرقت وتكهنت لقومها ، قال : فلما رأتني قالت :
أبشر وحيّيت ثلاثا وترا |
|
ثمّ ثلاثا وثلاثا أخرى |
ثمّ بأخرى كي تتمّ عشرا |
|
لقيت خيرا ووقيت شرّا |
نكحت والله حصانا زهرا |
|
وأنت بكر ولقيت بكرا |
[الرجز]
قال : فعجبت من قولها ، وقلت : يا خالة ما تقولين؟ فقالت :
عثمان يا عثمان يا عثمان |
|
لك الجمال ولك الشّأن |
هذا نبيّ معه البرهان |
|
أرسله بحقّه الدّيّان |
وجاءه التّنزيل والفرقان |
|
فاتبعه لا تغيا بك الأوثان |
[الرجز]
فقالت : إن محمد بن عبد الله رسول الله جاء إليه جبرئيل يدعوه إلى الله ، مصباحه مصباح ، وقوله صلاح ، ودينه فلاح ، وأمره نجاح ، لقرنه نطاح ، ذلّت له البطاح ، ما ينفع الصياح ، لو وقع الرماح ، وسلت الصفاح ، ومدّت الرماح.
ثم انصرفت ، ووقع كلامها في قلبي ، وبقيت مفكّرا فيه ، وكان لي مجلس من أبي بكر الصديق ، فأتيته بعد يوم الاثنين ، فأصبته في مجلسه ، ولا أحد عنده ، فجلست إليه ، فرآني متفكرا ، فسألني عن أمري ـ وكان رجلا رقيقا ، فأخبرته بما سمعت من خالتي ، فقال لي : ويحك يا عثمان! والله إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحقّ من الباطل ، هذه الأوثان التي يعبدها قومك أليست حجارة صمّا لا تسمع ولا تبصر ، ولا تضر ولا تنفع؟ قلت : بلى ، والله ، إنها لكذلك. قال : والله لقد صدقتك خالتك ، هذا محمد بن عبد الله قد بعثه الله برسالته إلى جميع خلقه ، فهل لك أن تأتيه وتسمع معه؟ فقلت : نعم ، فو الله ما كان بأسرع من أن مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومعه علي بن أبي طالب يحمل ثوبا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رآه أبو بكر قام إليه فسارّه في أذنه ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقعد ثم أقبل عليّ فقال : «يا عثمان ، أجب الله إلى جنّته ، فإنّي رسول الله إليك وإلى جميع خلقه» ، قال : فو الله ما تمالكت حين سمعت
الإصابة/ج٨/م١٢