وبالنظر إلى هذين القولين سموا مرجئة ؛ لأن الإرجاء فى اللغة قد يطلق ويراد به التأخير ، ومنه قوله تعالى : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) (١) : أى أمهله ، وأخره ، وهو مطابق للقول الأول. وقد يطلق ويراد به إعطاء الرجاء ، وهو مطابق / / للقول الثانى.
والمرجئة الخالصة خمس فرق :
الفرقة الأولى : اليونسية (٢)
أصحاب يونس بن النميرى ، زعموا أن الإيمان هو المعرفة بالله ـ تعالى ـ والخضوع له ، والمحبة بالقلب ، فمن اجتمعت فى حقه هذه الخصال ؛ فهو مؤمن لا يضره مع ذلك ترك الطاعات ، ولا يعذب عليها ، والمؤمن إنما يدخل الجنة بإيمانه ، لا بعلمه وعمله.
وزعموا أن إبليس كان عارفا بالله وحده غير أنه كفر باستكباره ، وترك الخضوع لله تعالى ـ لقوله ـ تعالى ـ (أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٣) وقد بينا إبطال معتقدهم فيما تقدم (٤).
الفرقة الثانية : العبيدية (٥)
أصحاب عبيد المكتئب ، قائلون بأن ما دون الشرك ، مغفور لا محالة ، وأن العبد إذا مات على إيمانه ، لا يضره ما اقترف من المعاصى.
وأن علم الله ـ تعالى ـ لم يزل شيئا غيره ، وأن الله على صورة الإنسان ، والرد عليهم فى هذه الأقوال فقد تقدم.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١١١.
/ / أول ل ١٤٥ / ب.
(٢) اليونسية : أصحاب يونس بن عون النميرى ، انظر بشأن هذه الفرقة بالإضافة لما ورد هنا : مقالات الإسلاميين للإمام الأشعرى ص ٢١٤ حيث سماه يونس السمرى والملل والنحل للشهرستانى ص ١٤٠ والتبصير فى الدين ص ٦٠ ، والفرق بين الفرق ص ٢٠٢ ، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ٧٠ وشرح المواقف ص ٥٤ ، ٥٥ من التذييل.
(٣) سورة البقرة ٢ / ٣٤.
(٤) انظر الفصل الأول ل ٢٣٨ / أوما بعدها.
(٥) العبيدية : أصحاب عبيد المكتئب : وقد انفرد الشهرستانى بذكر هذه الفرقة فى الملل والنحل ص ١٤٠ وتبعه الآمدي ، وصاحب المواقف ص ٥٥ من التذييل.