عرضان ، والبارئ ـ تعالى ـ غير خالق لشيء من الأعراض ، ويلزمهم : على ذلك ، أن لا يكون لله ـ تعالى ـ كلام ؛ لأن المتكلم ، إما من فعل الكلام ، أو بمعنى أنه قام به كلام ، والرب تعالى ليس ـ عند هؤلاء متكلما بمعنى قيام الكلام به ؛ إذ لا صفة له تزيد على ذاته عندهم ، ولا متكلما بمعنى أنه فاعل الكلام ؛ إذ الكلام / عرض ، والعرض غير مقدور للرب ـ تعالى ـ على أصلهم ، وإن قالوا إن الكلام جسم ، فقد أبطلوا قولهم أنه أحدثه فى محل ؛ إذ الجسم لا يقوم بالجسم ؛ ويلزم على ذلك أن لا يكون الرب ـ تعالى ـ آمرا ، ولا ناهيا ، ولا ثم شريعة أصلا.
ومن مذهبهم : أن الأعراض لا نهاية لها فى كل نوع ، وأن النفس شيء معلوم عالم ، قادر ، مريد ، مختار ، ليس بمتحيز ، ولا حالا فى المتحيز.
وأن الله ـ تعالى ـ ليس بقديم ؛ لأن القدم مشعر بالتقادم الزمنى ، والبارئ ـ تعالى ـ ليس بزمنى ، وأن البارئ ـ تعالى ـ لا يعلم نفسه ؛ لأن العالم يستدعى أن يكون غير المعلوم ؛ وكل ذلك فقد أبطلناه.
وأن الإنسان لا فعل له غير الإرادة ؛ لأن باقى الأعراض من فعل الجسم ويلزمهم على ذلك أن لا يكون أحد من الناس مصليا ، ولا حاجا ، ولا معتمرا ، ولا زانيا ولا سارقا ؛ وكل ذلك كفر ، وضلالة.
الفرقة الخامسة عشرة : الثمامية (١) :
أصحاب ثمامة بن الأشرس النميرى (٢) ، ومن مذهبهم أن الأفعال المتولدة لا فاعل لها ، وأن المعرفة متولدة عن النظر ، وأنها واجبة قبل ورود السمع ، وأن اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والزنادقة ، يصيرون فى الآخرة ترابا ، ولا يدخلون جنة ولا نارا ، وكذلك حكمهم فى البهائم ، وأطفال المؤمنين.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة عن فرقة الثمامية ، انظر الملل والنحل ١ / ٧٠ وما بعدها ؛ والفرق بين الفرق ص ١٧٢ وما بعدها والتبصير فى الدين ص ٤٨ ، وشرح المواقف ـ التذييل ـ ص ١٧.
(٢) هو أبو معن : ثمامة بن الأشرس النميرى ـ من رجال الطبقة السابعة من المعتزلة. كان زعيم القدرية أيام المأمون ، والمعتصم ، والواثق وتوفى سنة ٢١٣ ه (طبقات المعتزلة ص ٦٢ وما بعدها والفرق بين الفرق ص ١٧٢ وما بعدها).