عن الكفر بالإسلام مع استدامة زلّة من الزلات / وأن لا تترقى حاله عن حال من هو مستمر على كفره وجحوده ؛ وهو خلاف إجماع المسلمين.
وأما الثالث : فلأن التوبة المأمور بها بتقدير الإتيان بها تكون عبادة وليس من شرط صحة العبادة المأتى بها فى زمن ، عدم المعصية فى زمن آخر ؛ بل غايته أنه إذا عصى جدد ذلك الذنب وجوب توبة أخرى عليه (١).
وأما الرابع : فلأنه يلزم من ذلك اختلال الصلوات وباقى العبادات ، أو أن لا تكون بتقدير عدم استدامة التندم وتذكره تائبا ، وأن يجب عليه إعادة التوبة ؛ وهو مخالف للإجماع ، ومهما صحت التوبة ثم ذكر الذنب ، فلا يكون عند ذكره الذنب كالمقارف للذنب ، ولا يجب عليه تجديد التوبة ؛ خلافا لبعض العلماء.
فإنا نعلم بالضرورة أن الصحابة ومن أسلم بعد كفره ؛ كانوا يتذاكرون ما كانوا عليه فى الجاهلية من الكفر. ولم يجب عليهم تجديد الإسلام ، ولا أمروا بذلك ، وكذلك فى كل ذنب وقعت التوبة عنه (٢).
وهل يجب على الله قبول التوبة والمجازات عليها.
قالت المعتزلة : إن ذلك واجب ؛ لأنها حسنة. ومن أتى بالحسنة وجب مجازاته عليها.
وهذا الأصل قد أبطلناه فيما تقدم (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (٥). فليس فيه ما يدل على وجوب قبول التوبة.
__________________
(١) من أول : (التوبة المأمور بها ... أخرى عليه) نقله أيضا شارح المواقف مقدما له : قال الآمدي
(٢) نقل شارح المواقف [يلزم من ذلك اختلال الصلوات ، وباقى العبادات ... إلى وقعت التوبة عنه] مقدما لها بقوله : قال الآمدي : يلزم من ذلك .. إلخ.
(٣) انظر ما تقدم ل ١٨٦ / ب وما بعدها.
(٤) سورة الشورى ٤٢ / ٢٥.
(٥) سورة الزمر : ٣٩ / ٥٣.